بوابة أحد بوموسى نيوز


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بوابة أحد بوموسى نيوز
بوابة أحد بوموسى نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مجالس القران الكريم لفريد الانصاري رحمه الله تعالى (5)

اذهب الى الأسفل

مجالس القران الكريم لفريد الانصاري رحمه الله تعالى (5) Empty مجالس القران الكريم لفريد الانصاري رحمه الله تعالى (5)

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك الأربعاء يناير 05, 2011 7:57 am

- الضابط الثامن: أن يعمد إلى إشراك الجميع في عملية التدارس والتدبر. فحضوره بالمجلس – إضافة إلى قيمته العلمية والروحية – له قيمة منهجية. فلا ينبغي له أن يتفرد بالكلام. وإنما يحرص على افتتاح المجلس لوضعه على منهجه الصحيح في اتجاه مقاصده التربوية، ثم يقوم بختمه لتصفية نتائجه من الشوائب، أو يوكل ذلك إلى من يحسنه. وما بين هذا وذاك يجعل المجلس عبارة عن لقاء حواري ومنتدى تدارسي. إذْ يجب التفريق والتمييز بين مجلس الدرس العلمي الصرف، أو الخطبة، أو المحاضرة، أو نحو ذلك؛ وبين مجلس التدارس. فالتدارس "مشاركة" كما تدل عليه صيغة (التفاعل) من عبارته. وذلك منطوق الحديث النبوي الشريف، مما سبق إيراده من قوله صلى الله عليه وسلم: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم...) الحديث( ). فالدور التربوي للمسيِّر ههنا هو أنه موجه للقضايا والأفكار، ومحرك للقلوب والمشاعر؛ عسى أن تشارك في إنتاج الخير؛ بما تتذوقه من الآيات، وما تجده من المشاعر والأحاسيس تجاهها، بعد تلاوتها وتفسيرها ومدارستها، ثم ما ترجع به من زاد إيماني بعد تَدبُّرِهَا. وذلك بمساعدة أفراد المجلس – من خلال حوار المدارسة - على التخلص من مشكلاتهم التربوية، والتخلق بحقائق الإيمان بصورة ذاتية. وما يدريك؟ فَلَرُبَّمَا رجع بعضُهم بأكثر مما رجع به هو من حقائق الإيمان واليقين! وإنما الموفَّق من وفقه الله!
- الضابط التاسع: ومن القواعد التربوية المساعدة على إشراك الجميع: الْحِرْصُ على عدم استفحال عدد الجلساء؛ حتى لا يكون جمهوراً غفيراً! إذْ هنالك وجب أن يُولَدَ مجلسٌ قرآني جديد فرع عن الأول؛ لأن الجمهور الكثير إنما تؤطره المحاضرةُ، أو الخطبةُ، أو الدَّرْسُ؛ لا (التَّدارُسُ)! فهذا إنما هو خاصٌ بِالْحِلَقِ كما تبين في النصوص السابقة! والْحَلَقَةُ لا يتصور انعقادها إلا بأعداد معقولة. وأحسب أن العدد الذي يمكن اجتماعه لانعقاد الحلقة بصورة نافعة - في منهج التدارس – هو ما لا يتعدى العشرين جليسا على الأكثر! إلا لضرورة. والمجلس المثالي هو ما لم يتعد عدد جلسائه عشرة. وأقل الجمع ثلاثة.
– الضابط العاشر: تجنيب الجلساء الدخولَ في الجَدَلِ العقيم! فما أهلكَ كثيرا من الناس إلا الجدلُ! وفي الأثر عن بعض السلف الصالح: (إذا أراد الله بقوم سوءا سلَّط عليهم الجدل، ومنعهم العمل!) وذلك لِمَا تجلبه المناقشةُ الجدلية على صاحبها من انحراف النية، وفساد الطوية، وعدم الإخلاص في النصح لله ولرسوله وللمسلمين، وما تورثه بالقلب من الغِلِّ والضغينة على المؤمنين! وكفى بذلك مدخلا خطيرا من مداخل الشيطان! فليكن المسَيِّرُ على بالٍ من هذا الأمر؛ حتى لا تضيع جهود الخير سُدىً! ويستعان على ضبط هذا المعنى بضابط منهجي آخر، هو:
- الضابط الحادي عشر: الإعراض عن اللغو من القول والابتعاد عنه مطلقا، والتنـزه عن سَفَاسِفِ الكلام. فقد وصف الله تعالى خواص المفلحين من المؤمنين، فقال جل ذِكْرُه وثناؤه: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)(المؤمنون:1-3). فلا ينبغي أن يخالط مجلسَ التدارس إلا ما كان من قبيل العلم، والذِّكر، والتدبر، والتفكر، والاعتبار. وإلا أفسد الشيطان عليك مجلسَك وعبادتَك! فاستعذ بالله منه، واترك لغو الحديث! وتفرغ لذكر الله وحده! وإذا بدر شيء من ذلك من أحد جلسائك فنبهه بأدب وحكمة.
- الضابط الثاني عشر: تحديد أهداف المجلس من التدارس، والتذكير بذلك من حين لآخر. وهو تحصيل التزكية للقلب بكتاب الله تعالى، والتخلق بأخلاق القرآن العظيم، من خلال مسالك التَّدَبُّر والتفكر. وههنا لابد من التنبيه على قاعدة منهجية هامة جدا لهذا الأمر! وهي الحذَرُ من استغراق الوقت كله في التفسير، وتتبع أقوال المفسرين من دقائق اللغات والبلاغة والإعراب، وتفاصيل الخلافات الكلامية، وتفاريع الأحكام الفقهية ...إلخ. فكل ذلك وما في معناه إنما يحتاجه أهل الاختصاص. وأما الغرض مما نحن فيه فإنما هو تحصيل الحِكْمَةِ من الآية، وإتاحة الفرصة للتدبر والتفكر؛ للوصول إلى الهُدَى المنهاجي، أي ما تضمنته الآية من الهُدَى الرباني، ومن طرائق التخلق به، وكل ما من شأنه أن تنتج عنه التزكية التي هي غاية الوظائف النبوية، والتي من أجلها أساسا أنزل الله هذا القرآن في نهاية المطاف! مما اطرد بيانه في كتاب الله بيانا واضحا، في كل سياق وكل مناسبة. قال جل ثناؤه: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْإِيمَانُ. وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا. وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ)(الشورى:52-53).
ولهذا فإنه يكفي في ذلك كله تحصيل المعنى العام للآية، وما أجمع عليه المفسرون منها، أو ما عليه جمهورهم. فلا يؤخذ من المعاني اللغوية والنحوية وكذا الفقهية؛ إلا ما لابد منه لفهم المعنى الكلي للآية. فلا ينبغي أن ننسى أن غاية (مجالس القرآن) إنما هو التربية والتزكية، أي تحصيل (الربَّانِيَّة) لا تحصيل (العالِمِيَّة). ويكفيك من العلم لتحصيل الربانية ما يعرفك بالله رب العالمين! وأما (العالِمِيَّةُ) فلها سُبُلُها المعروفة عند أهلها. وإنما هذا برنامج مقصود به سَوادُ الأمة وجمهورها العام. لا خصوص طلبة العلوم الشرعية. والآية الضابطة لهذا المنهاج هي قول الله تعالى، الذي تكرر أربع مرات في سورة القمر: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)؟!(القمر:17) فمن أراد القرآنَ للذِّكْرِ والذكرى والتربية والتزكية؛ فإنما سبيله اليُسْرُ والبساطة، ويكفيه من الأدوات اللغوية الأمرُ العام المُشْتَرَك؛ لأنما المقصود هو وضعُ القلب على هدى الآية واتجاهها الصحيح. فإذا صَحَّ له الاتجاه فقَدْ أُذِنَ له آنئذ بالتدبر والتفكر. قال جل وعلا: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)(محمد:24)، وقال سبحانه: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)(سبا:46).
فالهدى القرآني أو (الهدى المنهاجي)( ) من كل آية يتضمن رسالة أو عدة رسالات، هي خلاصة المقاصد التربوية، ومكنـز التعاليم الربانية، التي تبني الشخصية الإيمانية للإنسان المسلم، وتسلك به مسالكَ العبدية لله رب العالمين في نفسه ومجتمعه، والتي من أجلها نزلت تلك الآية، والتي هي أساس التزكية وحكمة التخلق بالقرآن العظيم. فوجب على المسير للمجلس إذن أن يوجه الحضور إلى محاولة استنباط هذه الحقائق الإيمانية، وإلى محاولة تَلَقِّي تلك الرسالات الربانية، ومحاولة تبين منازلها في النفس، ومواقعها في المجتمع وجودا وعدما. ثم التساؤل عن كيفية التحقق منها تخلقا، ومعرفة شروط ذلك وأسبابه، وكذا موانعه ومعوقاته. ثم الشروع في علاج لطائف النفس في ضوء ذلك الهدى، وإعادة بناء عمرانها على موازينه لَبِنَةً لَبِنَةً. ومن هنا وجب على المتدارسين أن يعتمدوا من كتب التفسير ما هو متضمن لبيان رسالات الهدى من كل آية؛ قصد تيسير عملية التدبر والتلقي على المبتدئين.( )
ومن القواعد التربوية المحصِّنةِ للمجلس من آفة تبذير الوقت، أو إغراقه بدراسة الوسائل دون الغايات، أو بالخلافيات والجدل العقيم: الاعتمادُ على توزيعٍ متوازنٍ للوقت بين سائر مواد المجلس، على حسب أهميتها، بدءا من التلاوة حتى التدارس فالتدبر؛ بصورة تعطي لكل مادةٍ حقَّها دون أن تطغى على غيرها. ويمكن أن يكون ذلك بصور شتى. فالعبرة إنما هي بالنتيجة. وهي الوصول بالقلوب إلى الدخول الذاتي في جمال القرآن تدارسا وتدبرا؛ لتحصيل التزكية. ومن هنا وجب أن يتحلى الْمُسَيِّرُ بالمرونة - وبالدقة أيضا - ويوازن بين الوسائل والغايات في تنظيم الوقت؛ لتحقيق هذا الهدف النبيل!
- الضابط الثالث عشر: وهكذا فلْيُقْرَأ القرآنُ أولا! مما هو مقصود بالتدارس لذلك المجلس. ويمكن أن تُتَداولَ التلاوةُ بين جميع الحضور أو بين أغلبهم، كما يمكن أن يُكْتَفَى بتلاوة أحدهم فقط، حسب ظروف المجتمعين. ولا شك أن تداول التلاوة بين الجميع وإنصات بعضهم لبعض أفْيَدُ في التعلم، وأزكى للتدبر، كما أن تكرار الآيات نفسها التي هي مقرر المدارسة لتلك الحصة أعْوَنُ للقلب على التفقه. والتلاوة – بضوابطها المذكورة من قبل- عبادة رفيعة جدا؛ إذْ تهيء القلب للتلقي عن الله! فلا ينبغي الاستهانة بها وتجاوزها في مجالس القرآن!
وإذا كان بالمجلس من له حظ من علوم التجويد فيَحْسُنُ أن يَقِفَ الناسَ على تعلم ما يَقْبُحُ جهلُه لتالي القرآن العظيم ومُرَتِّلِه، فيتعلم من ذلك بالتدريج ما يُشْبِهُ أن يكون من المعلوم من علوم التجويد بالضرورة، أي الأساس من قواعد ذلك العلم. لكن دون إغراق المجلس بالقواعد التي قد تستغرق الوقت كله. ولا ينبغي أن ننسى أن لتالي القرآن - وهو عليه شاق - أجرا مضاعفا! كما سبق في الحديث. فلا تستغرقْكَ الوسائلُ دون الوصول إلى الغايات، وإنما هي لأجلها وُضِعَتْ!
- الضابط الرابع عشر: فإذا تمت حصة التلاوة والاستماع والإنصات إلى كتاب الله، كما يليق بكلام الله؛ فليشرع في قراءة خلاصة التفسير قراءةً مسموعة هادئة مفصَّلَةً؛ حتى يستوعب أهلُ المجلس مقاصدَ الكلام ومراميه، ثم يُشْرَع بعد ذلك في تدارس الخطاب القرآني من خلال ما تَحَصَّلَ في الذهن من معانٍ إجمالية للآيات.
وللدخول العملي في التدارس يحسن اتباع الخطوات المنهجية الآتية:
- الضابط الخامس عشر: تَنَاوُلُ قَدْرٍ قليل من الآيات يُشَكِّلُ معنى يحسن السكوت عليه، والوقوف عنده. سواء كان آية واحدة، أو ثلاث آيات، أو خَمْساً، أو سبعا. بشرط ألا يتعدى المقدار المدروس من ذلك كله نِصْفَ ثُمُن الحزب، بالتحزيب المتداول للقرآن الكريم، المطبوع في المصاحف بعلاماته المعروفة( ). فَيُقْرَأُ ما ورد فيها من التفسير.
- الضابط السادس عشر: يُتَحَقَّقُ من الفهم العام للمعاني التي وردت بها، وأن أهل المجلس على إدراك حسن للمقصود. ويمكن أن تثار الأسئلة حول ما أشكل منها؛ للوصول إلى بيانٍ أشمل وأوضح. ولهذا يمكن مراجعة تفسير الآيات المقصودة بالدراسة أكثر من مرة؛ إن اقتضى الحال. فإذا تبين المعنى العام فلا ينبغي الاستغراق في التفاصيل؛ لأن الغاية هي أبعد من مجرد التفسير! كما سترى بحول الله.
ولكن لابد من التنبيه إلى أمر أساس، وهو: أن على المسيِّر أن يحرص على إيصال الفهم السليم للآيات بأبسط العبارات وأسهلها إلى جميع الجلساء. خاصة إذا تبين له أن هناك شخصا منعزلا، أو في حالة شرود، لا تبدو على وجهه أمارات الاهتمام والمشاركة النفسية على الأقل! فيقوم بذلك هو بنفسه أو بواسطة غيره من جلسائه بصورة حوارية؛ إذْ بغير الفهم السليم لا يكون شيء من المقصود في نهاية المطاف! والله ولي التوفيق.
- الضابط السابع عشر: فإذا اتضح المعنى؛ وجب - بعد ذلك مباشرة - الدخول في محاولة التعرف على الهُدَى المنهاجي للآية أو الآيات، وهو عَيْنُ الحِكَم المطلوب تعلُّمُها، مما ورد في آيات وظائف النبوة: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ). وذلك بمحاولة استنباط الحقائق الإيمانية التي تتضمنها، والأحوال الخُلُقِيَّة التي تُرْشِدُ إليها، ومحاولة عدها باللسان، وإحصائها بالوجدان، وتداول ذلك بين سائر الْجُلَسَاءِ؛ حتى ترسخ بالقلب وتتضح صورتها بما يساعد على تَدَبُّرِها.
- الضابط الثامن عشر: وبمعرفة ما تيسر من الحِكَم والمقاصد نفتح باب التدبر للآيات، والتفكر في خلق الأنفس والأرض والسماوات. وذلك لغاية التخلق بأخلاق القرآن الكريم، والاتصاف السلوكي بِحِكَمِه العظيمة! والتفكرُ والتدبر – إذا خلص كلاهما لله- يورثان التخلق بأخلاق القرآن بصورة تلقائية، وبلا كلفة، كما بيناه من قبل بشواهده. ثم إن التدبر والتفكر أيضا – بما ينطويان عليه من إبصار للآيات( )- يساعدان على معرفة السبل الكفيلة بتذليل النفس وترويضها؛ لقبول هذا الخُلُقِ الرباني أو ذاك، والتحلي بتلك الخصلة النبوية أو تلك. كما يساعدان على تشريح النفس تشريحا إيمانيا دقيقا، ومعرفة عللها الباطنية، واكتشاف موانعها الذاتية، مما رسخته فيها العوائدُ الفاسدة، والأهواء الباطلة، والشهوات والخطايا، وسائر إلقاءات الشيطان على الإجمال! ومعالجة ذلك كله بما تحصل لديها - بمجلسها ذاك - من أنوار الهدى القرآني.
- الضابط التاسع عشر: فإذا تمت مدارسة السورة بأكملها، بهذا المنهج المُجَزِّئِ للوحدات أو الفقرات من كل سورة، في مجلس واحد، إن كانت من السور القصيرة جدا، أو عبر عدة مجالس إن كانت من السور المتوسطة أو من الطوال؛ فلا بد - بعد ذلك - من محاولة قطف الثمرات التالية من ثمار المدارسة، وهي:
أ- التعرف على القضايا الأساسية التي تعالجها السورة على الإجمال، وهي حقائقها الإيمانية الكبرى، التي تدور بفلك المحور الرئيس في السورة. ثم من خلال معرفة تلك القضايا والحقائق يمكن:
ب- التعرف على المحور الرئيس للسورة على الإجمال. فلكل سورة من سور القرآن العظيم شخصيتها المستقلة، التي بها تتميز عن غيرها في نظمها السالكِ لها بِعَقْدِ الكتاب الحكيم؛ لأن هذا وذاك هو مما يساعد - بإذن الله - على التَّمْسِيكِ بالكتاب؛ لأنه يُمَكِّنُكَ - في كل وقت وحين، بالليل أو بالنهار - من المراجعة والتقويم لِخُلُقِكَ وسلوكك، ولمستواك التربوي عموما، في ضوء ما تَحَصَّلَ لديك من الحِكَم والحقائق الإيمانية، من هذه السورة أو تلك. فضبط المحور الرئيس للسورة، مع ما يدور حوله من قضاياها الأساسية؛ يساعد على طول التدبر للآيات، والتذكر لحقائقها الإيمانية باستمرار؛ حتى بعد انفضاض المجلس، حيث تنطبع المعاني الربانية بالقلب الصافي المتجردِ لله تجردَ افتقارٍ وإخلاص. فإذا اكتمل لديك تدارس القرآن العظيم بهذا المنهج وتكرر؛ صارت خريطته الكلية مرسومة على قلبك بإذن الله؛ لِمَا تلقيت من حقائقه الإيمانية عن الله جل ثناؤه، في مجالس الملائكة! مع جلسائك من (أهل القرآن: أهل الله وخاصته)؛ فلا تتصرف في سلوكك وخلقك بعدها إن شاء الله إلا بخير! وهذا من أهم مقاصد التدارس لكتاب الله تعالى.
وهكذا نجد أنفسنا ننطلق من الجزء إلى الكل، ومن المعاني والحِكَمِ إلى السلوك والأخلاق، ثم من النفس إلى المجتمع، ومن القرآن إلى العمران! وذلك هو عين التزكية النبوية، التي هي مقصد أهل الله من الربانيين والصِّدِّيقِين، والتي هي غايتهم من تدارس القرآن العظيم، وتدبره بالغدو والآصال. والله الموفق للصواب والمعين عليه.
- الضابط العشرون، وهو:
الضابط الجامع
والضابط الكلي، الجامع لضمان سير مجالس القرآن ونجاحها هو: الحفاظ على ميثاق القرآن العظيم، والالتزام به بقوة! إذ بذلك يعرف الجليس الصادق من غيره. وإنما برهانُ صِدْقِ الجليس، وحقيقةُ انتسابه إلى أهل الله من (جلساء الملائكة)، ومصداقية ذلك كله متوقفة على مدى التزامه بميثاق القرآن العظيم. وهو عَهْدَان: عَهْدُ فِعْلٍ وعَهْدُ تَرْكٍ. فأما عهد الفعل فهو يتلخص في ثلاثة التزامات:
- الالتزام الأول: الحفاظ على أوقات الصلوات المفروضة بالمسجد، من الفجر إلى العشاء؛ إلا لضرورة شرعية. مع تأكيد النفس وتوطينها على صلاة الفجر وصلاة العشاء، والاجتهاد في ذلك كله لإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام، على قدر الإمكان.( ) فالصلاة هي خير أعمال المسلم على الإطلاق كما تواتر معناه بطرق شتى! وهي العبادة الوحيدة الحاكمة على ما سواها من الأعمال والعبادات بإطلاق! إذا استقامت للمؤمن حقيقتُها وانكشف له سِرُّها؛ استقام له كل شيء من دينه ودنياه! كما فصلناه بأدلته بمحله، فتأمل!( ) ويكفيك من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (استقيموا ولن تحصوا! واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة! ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن!)( ).
- الالتزام الثاني: الحفاظ على تلاوة جزء من القرآن الكريم لكل يوم، على الدوام، في الحَضَرِ والسَّفَر سواء! حتى يكون ختم القرآن لكل فرد من أفراد المجلس عند نهاية كل شهر. وبهذا يضمن العبد السالك إلى الله زادا إيمانيا يوميا، ومنهجا لتذكر حقائق الإيمان التي استفادها من مجالس التدارس القرآني. فالتلاوة المستمرة تذكيرٌ وأيُّ تذكير! لمن ذاق حقيقتَها وشاهد فضيلتَها.
- والالتزام الثالث: الاجتهاد لضم جليس جديد، أو جلساء جُدُد؛ إلى مجالس القرآن، متى سنحت الفرصة، أو إنشاء مجلس جديد على التمام. وتلك نعمة إيمانية – إن أكرمك الله بها - ولا كأي نعمة!( ) فالحرص على نشر الخير والدعوة إليه؛ سِمَةٌ أساسيةٌ للمؤمن الصادق، مهما لقي في سبيل ذلك ما لقي من الحرج والعنت.
والآية التي هي الشِّعَارُ الجامِعُ لذلك كله من كتاب الله جل ثناؤه، هي ما سبقت الإشارة إليه من قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ)(الأعراف:170). تَمْسِيكٌ بالكتاب أولا: وهو الأخذ بحقائقه الإيمانية بقوة، وإقامة للصلاة ثانيا: وهو إحسان أدائها والسير إلى الله عبر مواقيتها، ثم انطلاق إلى الإصلاح والدعوة إلى الخير. (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ).
ولا أفضل في تلك من خدمة كتاب الله تعالى عموما! ثم لا أفضل في هذه من خدمته بإقامة (مجالس القرآن)، والدعوة إلى بنائها وتكثيرها في الأمة، ونشرها بين الأُسَرِ والأقارب، وبين الأحباب والأصحاب، سواء في صورة (المجالس الأسرية)، أو في صورة (صالونات القرآن).
والحقيقة أن المؤمن إذا استفاد من (صالون القرآن) بمجلس عام؛ وجب أن يفكر في أبنائه وأهله، وألا يحرمهم من هذا الخير العظيم، ويتفرد هو من دونهم بالتزود من نوره. وإنما منهج الأنبياء والصديقين أنهم كانوا يدخلون نور الإيمان إلى ذويهم أولا! وقد مدح الله نبيه إسماعيل عليه السلام بذلك فقال جل ثناؤه: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)(مريم:55).
ومن هنا فالمجلس القرآني الناجح حقيقة، هو الذي استطاع جلساؤه أن ينقلوا التجربة الإيمانية إلى داخل أسرهم؛ بتكوين (مجالس أسرية) للقرآن الكريم، يكون جلساؤها: الأطفال والملائكة! فأنْعِمْ به من مجلس مبارك إذن! وأنْعِمْ به من بيتٍ طاهرٍ، أفاض عليه الله بالنور والجمال!
هذا ويمكن أن تتعدد صور إخراج مجالس القرآن وصالوناته، وذلك بتنظيمها – مثلا - على حسب المهن، أو على حسب الاختصاصات، أو على حسب الأحياء السكنية، أو على حسب الأعمار، كـ(مجالس الشباب) مثلا.
ومن أهم الصور الضرورية لمجالس القرآن التي ينبغي أن تبادر الأمة إلى إنتاجها: (مجالس النساء)! وقد كان ذلك موجود ومطلوبا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو الذي أسسها عليه الصلاة والسلام بنفسه، وأشرف عليها بذاته! فقد ترجم الإمام البخاري في كتاب العلم من صحيحه: (باب هل يُجْعَلُ للنساءِ يومٌ على حِدَةٍ في العِلْم؟) ثم أخرج بسنده رحمه الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غَلَبَنَا عليكَ الرِّجالُ! فاجْعَلْ لنا يوما من نفسك! فوَعَدَهُنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيهِ، فَوعَظَهُنَّ وأمَرَهُنَّ!).. الحديث( ). ولا شك أن إحياء (مجالس النساء) بتأسيس مجالس قرآنية لهن خاصة! هو إحياء للسنة، ووعي عميق بالضرورات المعاصرة لانطلاق الأمة، واستئناف سيرها في بعثة تجديد الدين.
وإنها لدعوة للإيمان، وخدمة للقرآن، وأي خدمة! لمن رام الدخول في أنوار الآية العظيمة: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ. وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ. ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ! وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ!)(فصلت:32-34). والله الموفق للخير والمعين عليه.
وأما (عهد الترك) فهو أيضا يتلخص في ثلاثة التزامات، وهي تتحقق عند المؤمن بمعاهدة الله – جَلَّ جلالُه - على ترك الموبقات الثلاث – أعاذنا الله وإياكم منها! - والانقطاع عنها بتاتا! فلا يصح سيرٌ إلى الله ولا يستقيم؛ ما دام العبد متلبسا بها أو ببعضها، وما دام لم يتب منها توبة نصوحا! وعهده فيها هو كما يلي:
- معاهدةُ اللهِ – جَلَّ جَلالُهُ - على ترك المال الحرام، وعلى رأسه الربا بكل صوره، وكذلك كل كَسْبٍ حرام، وأكل أموال الناس بالباطل، من رشوة وغيرها.
- معاهدة الله على ترك الزنا، وعدم الاقتراب من طرقه، وأسبابه، ومقدماته، وتجلياته، من مُخَادَنَةٍ، وبَذَاءَةٍ، وعُرْيٍ، وفُحْشٍ في اللباس والكلام والأخلاق...إلخ. وكذا مجاهدةُ النفس على غَضِّ البصر، وترك النظر الحرام! لأن النظر الحرام يطمس البصيرة، ويذهب بالحياء، ويطفئ نور التقوى في القلب، ويخسف بجمالَ الورع في النفس، ثم يمسخ وجه صاحبه! وهو سبب كثير من الفساد والبلاء، والعياذ بالله! فلا تستهن به!
- معاهدةُ الله تعالى على ترك الخمر، ومقاطعتها من كل الوجوه بتاتا: شربها، وإنتاجها، وتجارتها، وسائر الخدمات القائمة عليها بإطلاق! ومحاربة ملحقاتها من سائر أنواع المخدرات!
فإذا ثقلت عليك الانطلاقة إلى الله، ولم ينكشف لك نور القرآن، ولم تتبين لك حقائقه الإيمانية بمجالسه، أو لم تستقم لك الصلواتُ الخمس على مواقيتها وجماعاتها، أو لم يتخلص لك خشوعُها وجمالُها؛ فراجع نفسك في هذه الموبقات الثلاث! أو في ملحقاتها! وانظر: ما مدى أدائك لحق الله فيها؟ فإنه لا يستقيم للعبدِ سَيْرٌ إلى مولاه؛ ما لم تزل فيه لَوْثَةٌ من هذه اللوثات الثلاث! فلتتحرر من عبادة الشيطان أولا! حتى تكون عبدا لله بحق، وتستحق صفة "جليس الملائكة"! فإنما "الجلساء" هم الأتقياء! وآنئذ يقال لهم ولمن معهم: (هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم!) كما سبق بيانه في الحديث مفصلا( ).
فاتحةُ خَـيْرٍ
وبعد،
فهذا مشروع القرآن الكريم بين يديك الآن.. وهذا طريقُه السيَّارٌ منفتحٌ على معراج الروح.. وحاجة النفس إلى بصائره مستصرخة مستغيثة! خاصة في هذا الزمان! إلا أن القرآن لا يفتح أبواب أسراره إلا لمن أقبل عليه بشروطه. وإنما شروطه أمران: إخلاص القصد لله تعالى، ثم أخذ الكتاب بقوة!
فأما بيان الشرط الأول: فبإخلاص القصد عند بدء السير إلى منازل القرآن، وبتحقيق الصدق في طلب مجالسه؛ يفتح الله لك أبواب الخير، ويمهد لك الطريق إلى الجنة، ويوكل بك ملائكة الرضى! وتأمل حديث رسول اللهe: (مَنْ سَلَكَ طريقاً يَلْتَمِسُ فيه عِلْماً سَهَّلَ الله له به طريقاً إلى الجنَّة! وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله يتلون كتابَ الله، ويَتَدارَسُونَهُ بينهم إلا نَزَلَتْ عليهم السَّكينَةُ، وغَشِيَتْهُم الرَّحْمَةُ، وحَفَّتْهُم الملائِكَةُ، وذَكَرَهُم الله فيمَنْ عِنْدَهُ! ومَنْ أبْطَـأ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بهِ نَسَبُه!)( ). وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر: (مَنْ سَلكَ طريقاً يطلب فيه عِلْماً سَلَكَ الله بهِ طريقاً مِنْ طُرُقِ الجنَّة! وإنَّ الملائكةَ لَتَضَعُ أجنحَتَها لطالِبِ العِلْمِ رِضاً بما يَصْنَعُ! وإنَّ فَضْلَ العَالِمِ على العَابِدِ كفَضْلِ القَمَرِ ليلةَ البَدْرِ علَى سائرِ الكَوَاكِبِ! وإنَّ العَالِمَ ليَسْتَغْفِرُ لهُ مًنْ في السَّماواتِ وَمَنْ في الأرْضِ! حتَّى الْحِيتَانُ في جَوْفِ الماء! إنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاء! وإنَّ الأنبياءَ لم يُوَرِّثُوا دينَاراً ولا دِرْهَماً، وإنما وَرَّثُوا الْعِلْمَ! فمَنْ أخذَهُ فقَدْ أخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ!)( ).
وهل فوق تعلم القرآن - تدارسا وتدبرا - عِلْمٌ أرقى؟ كلا قطعاً! وهذه شهادةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاكمةٌ على مراتب الناس من سائر العلوم إلى يوم القيامة! قال عليه الصلاة والسلام: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ!) وله صيغة أخرى: (إنَّ أفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ!)( ) هكذا على العموم والإطلاق! فلا مجلس أفضل بعد ذلك؛ من (مجالس القرآن) التي نُصِبَتْ بإخلاص لهذه الغاية الرفيعة!
وأما بيان الشرط الثاني: فإن القرآن لا يستقيم سَيْرُ العَبْدِ بين مَسَالِكِهِ إلا إذا أخذه بقوة! ذلك منهج الأنبياء والصِّدِّيقِين. قال الله جل جلاله لرسوله موسى عليه السلام: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأوْرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ)(الأعراف:145)، وقال لنبيه يحيى عليه السلام: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ!)(مريم:12) وقال لخاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: (إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً)(المزمل:5). ثم قال له: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا. وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا!)(الكهف:27-28).
فـ(الأخذ بقوة) هو: الأخذ بعزم وبحزم، والصبر على حمل الأمانة وثقل الرسالة! والصبر على طول الطريق! والثبات على الحق! فالشيطان لك بالمرصاد، يثبطك، ويبطئك عن المضي في طريق الله؛ فالصَّبْرَ الصَّبْرَ على دوام ذكر الله في صحبة الصالحين، ومَعِيَّةِ الربانيين، بمنهج القرآن، وبرنامج القرآن. وإنما الموفق من وفقه الله!
فالقرآن العظيم هو عهد الله إلى الناس أجمعين، فهل عقدت عليه عزمَك، وأبرمتَ عليه ميثاقَك؛ أم أنك ما تزال من المترددين؟ نعم لك أن تنظر ماذا ترى؛ ولكن اعلم أن العمر لا ينتظرك، ولا هو ينتظر أحداً من العالمين! وأن الأرض تجري في دورتها الفلكية لتلقي بك عن كاهلها قريباً، هناك لدى وصولك محطتك الأخيرة! فالبِدَارَ البِدَارَ قبل فوات الأوان!
فلنختم هذا المدخل بما بدأناه به: قول الله جل ثناؤه: (أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ؟ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ)؟! (الحديد:16)
فاللهم إني عَبْدُكَ! وابْنُ عبدِك وابنُ أمَتِكَ، ناصيتي بيدك، ماضٍ فِيَّ حكمُك، عَدْلٌ فِيَّ قضاؤك. أسألك بكل اسْمٍ هو لك، سمَّيتَ به نَفْسَك، أو عَلَّمْتَهُ أحداً من خَلْقِك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرتَ بِه في علم الغيب عندك، أن تجعلَ القرآنَ رَبِيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همي!
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

انتهــــــــــى
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى