بوابة أحد بوموسى نيوز


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بوابة أحد بوموسى نيوز
بوابة أحد بوموسى نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير العشر الايات الاولى من سورة (المومنون)

اذهب الى الأسفل

تفسير العشر الايات الاولى من سورة (المومنون) Empty تفسير العشر الايات الاولى من سورة (المومنون)

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك الجمعة مايو 20, 2011 4:36 am

بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله عز وجل في محكم التنزيل:''قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، أولئك هم الوارثون، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون''يقول الامام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الايات المباركات:
قوله تعالى: "قد أفلح المؤمنون" روى البيهقي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لما خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده قال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون). وروى النسائي عن عبدالله بن السائب قال: حضرت رسول الله صلى يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه فوضعهما عن يسره فافتتح سورة المؤمنين، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سعلة فركع. خرجه مسلم بمعناه. وفي الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل علي الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل؛ وأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبل فرفع يديه وقال: (اللهم زدنا ولا تنقصنا وارضنا وأرض عنا - ثم قال - أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة - ثم قرأ - قد أفلح المؤمنون) حتى ختم عشر آيات؛ صححه ابن العربي. وقال النحاس: معنى "من أقامهن" من أقام عليهن ولم يخالف ما فيهن؛ كما تقول: فلان يقوم بعمله. ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الوضوء والحج فدخل معهن. وقرأ طلحة بن مصرف "قد أفلح المؤمنون" بضم الألف على الفعل المجهول؛ أي أبقوا في الثواب والخير. وقد مضى في أول "البقرة" من الفلاح لغة ومعنى، والحمد لله وحده.
قوله تعالى: "خاشعون" روى المعتمر عن خالد عن محمد بن سيرين قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى السماء في الصلاة؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية "الذين هم في صلاتهم خاشعون". فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر حيث يسجد. وفي رواية هشيم: كان المسلمون يلتفتون في الصلاة وينظرون حتى أنزل الله تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون"؛ فأقبلوا على صلاتهم وجعلوا ينظرون أمامهم. وقد تقدم ما للعلماء في حكم المصلي إلى حيث ينظر في "البقرة" عند قول "فول وجهك شطر المسجد الحرام" [البقرة: 144]. وتقدم أيضا معنى الخشوع لغة ومعنى في البقرة أيضا عند قوله تعالى: "وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين" [البقرة: 45]. والخشوع محله القلب؛ فإذا خشع خشعت الجوارح كلها لخشوعه؛ إذ هو ملكها، حسبما بيناه أول البقرة. وكان الرجل من العلماء إذا أقام الصلاة وقام إليها يهاب الرحمن أن يمد بصره إلى شيء وأن يحدث نفسه بشيء من الدنيا. وقال عطاء: هو ألا يعبث بشيء من جسده في الصلاة. وأبصر صلى الله عليه وسلم صلى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه). وقال أبو ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم. (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يحركن الحصى". رواه الترمذي. وقال الشاعر:
ألا الصلاة الخير والفضل أجمع لأن بها الآراب لله تخضع
وأول فرض من شريعة ديننا وآخر ما يبقى إذا الدين يرفع
فمن قام للتكبير لاقته رحمة وكان كعبد باب مولاه يقرع
وصار لرب العرش حين صلاته نجيا فيا طوباه لو كان يخشع
وروى أبو عمر أن الجوني قال: قيل لعائشة ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: أتقرؤون سورة المؤمنين؟ قيل نعم. قالت: اقرؤوا؛ فقرئ عليها "قد أفلح المؤمنون - حتى بلغ - يحافظون". وروى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته يمينا وشمالا، ولا يلوي عنقه خلف ظهره. وقال كعب بن مالك في حديثه الطويل: ثم أصلي قريبا منه - يعني من النبي صلى الله عليه وسلم - وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني... الحديث؛ ولم يأمره بإعادة.
اختلف الناس في الخشوع، هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين. والصحيح الأول، ومحله القلب، وهو أول علم يرفع من الناس؛ قاله عبادة بن الصامت، رواه الترمذي من حديث جبير بن نفير عن أبي الدرداء، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد خرجه النسائي من حديث جبير بن نفير أيضا عن عوف بن مالك الأشجعي من طريق صحيحة. قال أبو عيسى: ومعاوية بن صالح ثقة عند أهل الحديث، ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان.
قلت: معاوية بن صالح أبو عمرو ويقال أبو عمر الحضرمي الحمصي قاضي الأندلس، سئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: صالح الحديث، كتب حديثه ولا يحتج به. واختلف فيه قول يحيى بن معين، ووثقه عبدالرحمن بن مهدي أحمد بن حنبل وأبو زرعة الرازي، واحتج به مسلم في صحيحه. وتقدم في "البقرة" معنى اللغو والزكاة فلا معنى للإعادة. وقال الضحاك: إن اللغو هنا الشرك. وقال الحسن: إنه المعاصي كلها. فهذا قول جامع يدخل فيه قول من قال: هو الشرك؛ وقول من قال هو الغناء؛ كما روى مالك بن أنس عن محمد بن المنكدر، على ما يأتي في "لقمان" بيانه. ومعنى "فاعلون" أي مؤدون؛ وهي فصيحة، وقد جاءت في كلام العرب. قال أمية ابن أبي الصلت:
المطعمون الطعام في السنة الأز مة والفاعلون للزكوات
قوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون" قال ابن العربي: "من غريب القرآن أن هذه الآيات العشر عامة في الرجال والنساء، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم فإنها عامة فيهم، إلا قول "والذين هم لفروجهم حافظون" فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات، "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخرى كآيات الإحصان عموما وخصوصا وغير ذلك من الأدلة.
قلت: وعلى هذا التأويل في الآية فلا يحل لامرأة أن يطأها من تملكه إجماعا من العلماء؛ لأنها غير داخلة في الآية، ولكنها لو أعتقته بعد ملكها له جاز له أن يتزوجها كما يجوز لغيره عند الجمهور. وروي عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة والشعبي والنخعي أنها لو أعتقته حين ملكته كانا على نكاحهما. قال أبو عمر: ولا يقل هذا أحد من فقهاء الأمصار؛ لأن تملكها عندهم يبطل النكاح بينهما، وليس ذلك بطلاق وإنا هو فسخ للنكاح؛ وأنها لو أعتقته بعد ملكها له لم يراجعها إلا بنكاح جديد ولو كانت في عدة منه.
قال محمد بن الحكم: سمعت حرملة بن عبدالعزيز قال: سألت مالكا عن الرجل يجلد عميرة، فتلا هذه الآية "والذين هم لفروجهم حافظون" - إلى قوله - "العادون". وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة؛ وفيه يقول الشاعر:
إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا داء ولا حرج
ويسميه أهل العراق الاستمناء، وهو استفعال من المني. وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة؛ أصله القصد والحجامة. وعامة العلماء على تحريمه. وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل؛ ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها. فإن قيل: إنها خير من نكاح الأمة؛ قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضا، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل أو بالرجل الدنيء فكيف بالرجل الكبير.
قوله تعالى: "إلا على أزواجهم" قال الفراء: أي من أزواجهم اللاتي أحل الله لهم لا يجاوزون. "أو ما ملكت أيمانهم" في موضع خفض معطوفة على "أزواجهم" و"ما" مصدرية. وهذا يقتضي تحريم الزنى وما قلناه من الاستنماء ونكاح المتعة؛ لأن المتمتع بها لا تجري مجرى الزوجات، لا ترث ولا تورث، ولا يلحق به ولدها، ولا يخرج من نكاحها بطلاق يستأنف لها، وإنما يخرج بانقضاء المدة التي عقدت عليها وصارت كالمستأجرة. ابن العربي: إن قلنا إن نكاح المتعة جائز فهي زوجة إلى أجل ينطلق عليها اسم الزوجية. وإن قلنا بالحق الذي أجمعت عليه الأمة من تحريم نكاح المتعة لما كانت زوجة فلم تدخل في الآية.
قلت: وفائدة هذا الخلاف هل يجب الحد ولا يلحق الولد كالزنى الصريح أو يدفع الحد للشبهة ويلحق الولد، قولان لأصحابنا. وقد كان للمتعة في التحليل والتحريم أحوال؛ فمن ذلك أنها كانت مباحة ثم حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن خيبر، ثم حللها في غزاة الفتح؛ ثم حرمها بعد؛ قاله ابن خويز منداد من أصحابنا وغيره، وإليه أشار ابن العربي. وقد مضى في "النساء" القول فيها مستوفى.
قوله تعالى: "فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" فسمى من نكح ما لا يحل عاديا وأوجب عليه الحد لعدوانه، واللائط عاد قرآنا ولغة، بدليل قوله تعالى: "بل أنتم قوم عادون" [الشعراء: 166] وكما تقدم في "الأعراف"؛ فوجب أن يقام الحد عليهم، وهذا ظاهر لا غبار عليه.
قلت: فيه نظر، ما لم يكن جاهلا أو متأولا، وإن كان الإجماع منعقدا على أن قوله تعالى: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" خص به الرجال دون النساء؛ فقد روى معمر عن قتادة قال: تسررت امرأة غلامها؛ فذكر ذلك لعمر فسألها: ما حملك على ذلك؟ قالت: كنت أراه يحل لي ملك يميني كما يحل للرجل المرأة بملك اليمين؛ فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: تأولت كتاب الله عز وجل على غير تأويله، لا رجم عليها. فقال عمر: لا جرم! والله لا أحلك لحر بعده أبدا. عاقبها ط لك ودرأ الحد عنها، وأم العبد ألا يقربها. وعن أبي بكر بن عبدالله أنه سمع أباه يقول: أنا حضرت عمر ابن عبدالعزيز جاءته امرأة بغلام لها وضيء فقالت: إني استسررته فمنعني بنو عمي عن ذلك، وإنما أنا بمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها؛ فإنه عني بني عمي؛ فقال عمر: أتزوجت قبله؟ قالت نعم؛ قال: أما والله لولا منزلتك من الجهالة لرجمتك بالحجارة؛ ولكن اذهبوا به فبيعوه إلى من يخرج به إلى غير بلدها. و"وراء" بممنى سوى، وهو مفعول بـ "ابتغى" أي من طلب سوى الأزواج والولائد المملوكة له. وقال الزجاج: أي فمن ابتغى ما بعد ذلك؛ فمفعول الابتغاء محذوف، و"وراء" ظرف. و"ذلك" يشار به إلى كل مذكور مؤنثا كان أو مذكرا. "فأولئك هم العادون" أي المجاوزون الحد؛ من عدا أي جاوز الحد وجازه.
قرأ الجمهور "لأماناتهم" بالجمع. وابن كثير بالإفراد. والأمانة والعهد يجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه قولا فعلا. وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك؛ وغاية ذلك حفظه والقيام به. والأمانة أعم من العهد، وكل عهد فهو أمانة فيما تقدم فيه قول أو فعل أو معتقد.
قرأ الجمهور "صلواتهم" وحمزة والكسائي "صلاتهم" بالإفراد؛ وهذا الإفراد اسم جنس فهو في معنى الجميع. والمحافظة على الصلاة إقامتها والمبادرة إليها أوائل أوقاتها، وإتمام ركوعها وسجودها. وقد تقدم في "البقرة" مستوفى. ثم قال: "أولئك هم الوارثون" أي من عمل بما ذكر في هذه الآيات فهم الوارثون؛ أي يرثون منازل أهل النار من الجنة. وفي الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله تعالى جعل لكل إنسان مسكنا في الجنة ومسكنا في النار فأما المؤمنون فيأخذون منازلهم ويرثون منازل الكفار ويجعل الكفار في منازلهم في النار). خرجه ابن ماجة بمعناه. عن أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله تعالى: "أولئك هم الوارثون"). إسناده صحيح. ويحتمل أن يسمى الحصول على الجنة وراثة من حيث حصولها دون غيرهم، فهو اسم مستعار على الوجهين. والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها. خرجه الترمذي من حديث الربيع بن النضر أم حارثة، وقال: حديث حسن صحيح. وفي حديث مسلم (فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة). قال أبو حاتم محمد بن حبان: قوله صلى الله عليه وسلم (فإنه أوسط الجنة) يريد أن الفردوس في وسط الجنان في العرض وهو أعلى الجنة، يريد في الارتفاع. وهذا كله يصحح قول أبي هريرة: إن الفردوس جبل الجنة التي تتفجر منه أنهار الجنة. واللفظة فيما قال مجاهد: رومية عربت. وقيل: هي فارسية عربت. وقيل: حبشية؛ وإن ثبت ذلك فهو وفاق بين اللغات. وقال الضحاك: هو عربي وهو الكرم؛ والعرب تقول للكروم فراديس. "هم فيها خالدون" فأنث على معنى الجنة
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تفسير العشر الايات الاولى من سورة (المومنون) Empty من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك الجمعة مايو 20, 2011 8:22 am

بسم الله الرحمن الرحيم
ومحاولة منا في مزيد الفائدة نضع هنا تفسير ابن كثير لهذه الايات الكريمة:

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرني يونس بن سليم قال : أملى علي يونس بن يزيد الأيلي ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، يسمع عند وجهه كدوي النحل فمكثنا ساعة ، فاستقبل القبلة ورفع يديه ، فقال : " اللهم ، زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر [ علينا ، وارض عنا ] وأرضنا " ، ثم قال : " لقد أنزلت علي عشر آيات ، من أقامهن دخل الجنة " ، ثم قرأ : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى ختم العشر .

وكذا روى الترمذي في تفسيره ، والنسائي في الصلاة ، من حديث عبد الرزاق ، به .

وقال الترمذي : منكر ، لا نعرف أحدا رواه غير يونس بن سليم ، ويونس لا نعرفه .

وقال النسائي في تفسيره : أنبأنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جعفر ، عن أبي عمران عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : يا أم المؤمنين ، كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت : كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، فقرأت : ( قد أفلح المؤمنون ) حتى انتهت إلى : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) ، قالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد روي عن كعب الأحبار ، ومجاهد ، وأبي العالية ، وغيرهم : لما خلق الله جنة عدن ، [ ص: 460 ] وغرسها بيده ، نظر إليها وقال لها . تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) ، قال كعب الأحبار : لما أعد لهم فيها من الكرامة . وقال أبو العالية : فأنزل الله ذلك في كتابه .

وقد روي ذلك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ، فقال أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا المغيرة بن سلمة ، حدثنا وهيب ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد قال : خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وغرسها ، وقال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) ، فدخلتها الملائكة فقالت : طوبى لك ، منزل الملوك! .

ثم قال : وحدثنا بشر بن آدم ، وحدثنا يونس بن عبيد الله العمري ، حدثنا عدي بن الفضل ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خلق الله الجنة ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك " . قال أبو بكر : ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث : " حائط الجنة ، لبنة ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المسك . فقال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقالت الملائكة : طوبى لك ، منزل الملوك ! " .

ثم قال البزار : لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل ، وليس هو بالحافظ ، وهو شيخ متقدم الموت .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أحمد بن علي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا بقية ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لما خلق الله جنة عدن ، خلق فيها ما لا عين رأت ، [ ولا أذن سمعت ] ، ولا خطر على قلب بشر . ثم قال لها : تكلمي . فقالت : ( قد أفلح المؤمنون ) .

بقية : عن الحجازيين ضعيف .

وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث ، حدثنا حماد بن عيسى العبسي ، عن إسماعيل السدي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس يرفعه : " لما خلق الله جنة عدن بيده ، ودلى فيها ثمارها ، وشق فيها أنهارها ، ثم نظر إليها فقال : ( قد أفلح المؤمنون ) . قال : وعزتي لا يجاورني فيك بخيل " . [ ص: 461 ]

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن المثنىالبزار ، حدثنا محمد بن زياد الكلبي ، حدثنا يعيش بن حسين ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله جنة عدن بيده ، لبنة من درة بيضاء ، ولبنة من ياقوتة حمراء ، ولبنة من زبرجدة خضراء ، ملاطها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ ، وحشيشها الزعفران ، ثم قال لها : انطقي . قالت : ( قد أفلح المؤمنون ) فقال الله : وعزتي ، وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) [ الحشر : 9 ] فقوله تعالى : ( قد أفلح المؤمنون ) أي : قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح ، وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف .

( الذين هم في صلاتهم خاشعون ) " قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( خاشعون ) : خائفون ساكنون . وكذا روي عن مجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والزهري .

وعن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه : الخشوع : خشوع القلب . وكذا قال إبراهيم النخعي .

وقال الحسن البصري : كان خشوعهم في قلوبهم ، فغضوا بذلك أبصارهم ، وخفضوا الجناح .

وقال محمد بن سيرين : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة ، فلما نزلت هذه الآية : ( قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون ) خفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم .

[ و ] قال ابن سيرين : وكانوا يقولون : لا يجاوز بصره مصلاه ، فإن كان قد اعتاد النظر فليغمض . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم .

ثم روى ابن جرير عنه ، وعن عطاء بن أبي رباح أيضا مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ، حتى نزلت هذه الآية .

والخشوع في الصلاة إنما يحصل بمن فرغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها ، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الذي رواه الإمام أحمد والنسائي ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " حبب إلي الطيب والنساء ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، حدثنا مسعر ، عن عمرو بن مرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، [ ص: 462 ] عن رجل من أسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا بلال ، أرحنا بالصلاة " .

وقال الإمام أحمد أيضا; حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن سالم بن أبي الجعد ، أن محمد بن الحنفية قال : دخلت مع أبي على صهر لنا من الأنصار ، فحضرت الصلاة ، فقال : يا جارية ، ائتني بوضوء لعلي أصلي فأستريح . فرآنا أنكرنا عليه ذلك ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " قم يا بلال ، فأرحنا بالصلاة " .

وقال : ( والذين هم عن اللغو معرضون ) أي : عن الباطل ، وهو يشمل : الشرك كما قاله بعضهم والمعاصي كما قاله آخرون وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال ، كما قال تعالى : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) [ الفرقان : 72 ] .

قال قتادة : أتاهم والله من أمر الله ما وقذهم عن ذلك .

وقوله : ( والذين هم للزكاة فاعلون ) : الأكثرون على أن المراد بالزكاة هاهنا زكاة الأموال ، مع أن هذه [ الآية ] مكية ، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة . والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة ، وإلا فالظاهر أن أصل الزكاة كان واجبا بمكة ، كما قال تعالى في سورة الأنعام ، وهي مكية : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) [ الأنعام : 141 ] .

وقد يحتمل أن يكون المراد بالزكاة هاهنا : زكاة النفس من الشرك والدنس ، كقوله : ( قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) [ الشمس : 9 ، 10 ] ، وكقوله : ( وويل للمشركين . الذين لا يؤتون الزكاة ) [ فصلت : 6 ، 7 ] ، على أحد القولين في تفسيرها .

وقد يحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادا ، وهو زكاة النفوس وزكاة الأموال; فإنه من جملة زكاة النفوس ، والمؤمن الكامل هو الذي يتعاطى هذا وهذا ، والله أعلم .

وقوله : ( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) أي : والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام ، فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا أو لواط ، ولا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم ، وما ملكت أيمانهم من السراري ، ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج ; ولهذا قال : ( فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك ) أي : غير الأزواج والإماء ، ( فأولئك هم العادون ) أي : المعتدون .

وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، أن امرأة [ ص: 463 ] اتخذت مملوكها ، وقالت : تأولت آية من كتاب الله : ( أو ما ملكت أيمانهم ) [ قال ] : فأتي بها عمر بن الخطاب ، فقال له ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : تأولت آية من كتاب الله على غير وجهها . قال : فغرب العبد وجز رأسه : وقال : أنت بعده حرام على كل مسلم . هذا أثر غريب منقطع ، ذكره ابن جرير في أول تفسير سورة المائدة ، وهو هاهنا أليق ، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها ، والله أعلم .

وقد استدل الإمام الشافعي ، رحمه الله ، ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة ( والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) قال : فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين ، وقد قال : ( فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور حيث قال :

حدثني علي بن ثابت الجزري ، عن مسلمة بن جعفر ، عن حسان بن حميد ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا يجمعهم مع العاملين ، ويدخلهم النار أول الداخلين ، إلا أن يتوبوا ، فمن تاب تاب الله عليه : ناكح يده ، والفاعل ، والمفعول به ، ومدمن الخمر ، والضارب والديه حتى يستغيثا ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه ، والناكح حليلة جاره " .

هذا حديث غريب ، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته ، والله أعلم .

وقوله : ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ) أي : إذا اؤتمنوا لم يخونوا ، بل يؤدونها إلى أهلها ، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك ، لا كصفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان " .

وقوله : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) أي : يواظبون عليها في مواقيتها ، كما قال ابن مسعود : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أي العمل أحب إلى الله؟ قال : " الصلاة على وقتها " . قلت : ثم أي؟ قال : " بر الوالدين " . قلت : ثم أي؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " .

أخرجاه في الصحيحين . وفي مستدرك الحاكم قال : " الصلاة في أول وقتها " . [ ص: 464 ]

وقال ابن مسعود ، ومسروق في قوله : ( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) يعني : مواقيت الصلاة . وكذا قال أبو الضحى ، وعلقمة بن قيس ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة .

وقال قتادة : على مواقيتها وركوعها وسجودها .

وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة ، واختتمها بالصلاة ، فدل على أفضليتها ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " .

ولما وصفهم [ الله ] تعالى بالقيام بهذه الصفات الحميدة والأفعال الرشيدة قال : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )

وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ، فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ، ومنه تفجر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن " .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ومنزل في النار ، فإن مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله ، فذلك قوله : ( أولئك هم الوارثون ) .

وقال ابن جريج ، عن ليث ، عن مجاهد : ( أولئك هم الوارثون ) قال : ما من عبد إلا وله منزلان : منزل في الجنة ، ومنزل في النار ، فأما المؤمن فيبنى بيته الذي في الجنة ، ويهدم بيته الذي في النار ، وأما الكافر فيهدم بيته الذي في الجنة ، ويبنى بيته الذي في النار . وروي عن سعيد بن جبير نحو ذلك .

فالمؤمنون يرثون منازل الكفار ; لأنهم [ كلهم ] خلقوا لعبادة الله تعالى ، فلما قام هؤلاء المؤمنون بما وجب عليهم من العبادة ، وترك أولئك ما أمروا به مما خلقوا له أحرز هؤلاء نصيب [ ص: 465 ] أولئك لو كانوا أطاعوا ربهم عز وجل ، بل أبلغ من هذا أيضا ، وهو ما ثبت في صحيح مسلم ، عن أبي بردة ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال ، فيغفرها الله لهم ، ويضعها على اليهود والنصارى " .

وفي لفظ له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يوم القيامة دفع الله لكل مسلم يهوديا أو نصرانيا ، فيقال : هذا فكاكك من النار " . فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ، ثلاث مرات ، أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فحلف له . قلت : وهذه الآية كقوله تعالى : ( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ) [ مريم : 63 ] ، وكقوله : ( وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ) [ الزخرف : 73 ] . وقد قال مجاهد ، وسعيد بن جبير : الجنة بالرومية هي الفردوس .

وقال بعض السلف : لا يسمى البستان فردوسا إلا إذا كان فيه عنب ، فالله أعلم .
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى