بوابة أحد بوموسى نيوز


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بوابة أحد بوموسى نيوز
بوابة أحد بوموسى نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

نزهة النظر بشرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني

اذهب الى الأسفل

نزهة النظر بشرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني Empty نزهة النظر بشرح نخبة الفكر لابن حجر العسقلاني

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك السبت فبراير 12, 2011 10:08 am

الحمدُ للهِ الذي لَمْ يَزَلْ عَليماً ( ) قديراً حيّاً قيُّوماً (( مريداً )) ( ) سَميعاً بَصيراً ، وأَشهدُ أَنْ لا إِله إِلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، وأُكبِّرُه ( ) تَكبيراً .
وصلّى اللهُ عَلى سَيدِنا مُحَمَّدٍ الذي أَرْسَلَهُ ( ) إِلى النَّاسِ كافةً بَشيراً ونَذيراً ، وعلى آلِ محمدٍ ( ) وصَحْبِهِ وسَلَّمَ تَسْليماً كثيراً .
أَمَّا بَعْدُ : فإِنَّ التَّصانيفَ في اصْطِلاحِ ( ) (( أَهلِ الحَديثِ )) ( ) قَدْ كَثُرَتْ للأئمةِ في القديمِ (( والحَديثِ )) ( ) :
فَمِن أَوَّلِ مَن صَنَّفَ في ذلك القاضي أبو محمَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيّ في كتابه (( المحدِّث الفاصل ( ) )) ، لكنَّه لم يَسْتَوْعِبْ ( ) .
والحاكِمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسَابوريُّ ، لكنَّه لم يُهَذِّبْ ولم يُرَتِّبْ .
وتلاه أَبو نُعَيْم الأصبهانِيُّ ( ) ، فعَمِل على كتابهِ (( مُسْتَخْرَجاً )) ، وأَبقى أَشياءَ للمُتَعَقِّبِ .
ثمَّ جاءَ بعدَهم الخطيبُ أبو بكرٍ ( ) البَغْدَاديُّ ، فصنَّفَ في قوانينِ الروايةِ كتاباً سمَّاه (( الكفايةَ )) ، وفي آدابِها كتاباً سمَّاه (( الجامعَ لآدابِ الشَّيْخِ والسَّامِع )) .
وقلَّ فنٌّ مِن فُنونِ الحَديثِ إِلاَّ وقد صَنَّفَ { ظ / 1 ب } فيهِ كتاباً مُفْرَداً ، فكانَ ( ) كما قال الحَافظُ أبو بكرِ بنُ نُقْطَةَ : كلُّ مَن أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ المحَدِّثينَ بعدَ الخَطيبِ عِيالٌ على كُتُبِهِ .
ثمَّ جاءَ [ بعدَهُم ] ( ) [ بعضُ ] ( ) مَن تَأَخَّرَ عنِ الخطيبِ فأَخَذَ مِن هذا العلمِ بنَصيبٍ :
فجمَع القاضي عِياضٌ ( ) كتاباً لطيفاً سمَّاهُ الإِلْماع (( في كتاب الإسماع )) ( ) .
وأبو حفْصٍ المَيَّانِجيُّ جُزءاً سمَّاه (( ما لا يَسَعُ المُحَدِّثَ جَهْلُه )) .
وأَمثالُ { أ / 1 ب } ذَلك مِنَ التَّصانيفِ الَّتي اشتُهِرَتْ وبُسِطَتْ { هـ / 1 ب } ليتوفَّرَ عِلْمُها ، واخْتُصِرَتْ ليتيسَّرَ فهْمُها .
{ ن / 1 ب } إِلى أَنْ جاءَ الحافِظُ الفقيهُ تقيُّ الدِّينِ أَبو عَمْرٍو عُثْمانُ بنُ الصَّلاحِ عبدِ الرحمنِ الشَّهْرَزُوريُّ – نزيلُ دمشقَ – ، [ فجَمَعَ ] ( ) - لما وَلِيَ تدريسَ الحديثِ بالمدرَسَةِ الأشرفيَّةِ – كتابَه المَشهورَ ، فهَذَّبَ فنونَهُ ، وأَملاهُ شيئاً بعدَ شيءٍ ، فلهذا لمْ يَحْصُلْ ( ) ترتيبُهُ على الوضعِ المُناسِبِ ( ) ، واعتنى بتصانيفِ الخَطيبِ { ب / 1 ب } المُتفرِّقةِ ( ) ، ( فجمَعَ شَتاتَ ) ( ) مقاصِدِها ، وضمَّ إِليها مِن غَيْرِها نُخَبَ ( ) فوائِدِها ، فاجتَمَعَ في كتابِه ما تفرَّقَ في غيرهِ ، فلهذا عَكَفَ النَّاسُ عليهِ وساروا بسَيْرِهِ ، فلا ( ) يُحْصى كم ناظِمٍ [ له ] ( ) ومُختَصِر ، ومستَدْرِكٍ [ عليهِ ] ( ) ومُقْتَصِر ، ومُعارِضٍ ( ) لهُ { ظ / 2 أ } ومُنْتَصِر !
فسأَلَني بَعْضُ الإِخوانِ ( ) أَنْ أُلَخِصَ لهُ ( ) المُهِمَّ مِنْ ذَلكَ فلخَّصْتُهُ في أوراقٍ لطيفةٍ ( ) سمَّيْتُها (( نُخْبَةَ الفِكَر في مُصْطَلحِ [ أَهلِ ] ( ) الأثَر )) على ترتيبٍ ابْتَكَرْتُهُ ، وسبيلٍ انْتَهَجْتُهُ ، مع ما ضمَمْتُه ( ) { ص / 1 ب } إِليهِ مِن شوارِدِ الفرائِدِ ( ) وزَوائدِ الفوائدِ .
فرَغِبَ إِليَّ [ جماعةٌ ] ( ) ثانياً أَنْ أَضعَ عَليها شرحاً يحُلُّ رموزَها ، ويفتحُ كنوزَها ، ويوضِحُ ما خَفِيَ على المُبْتَدئ من ذلك ، فأَجَبْتُه إِلى سُؤالِهِ ؛ رجاءَ ( ) الاندِراجِ في تلكَ المسالِكِ .
فبالغتُ في شَرْحِها في الإِيضاحِ والتَّوجيهِ ، ونبَّهْتُ عَلى خَبايا زواياها ؛ لأنَّ صاحِبَ البَيْتِ أَدْرَى بِما فيهِ ، وظَهَرَ لي أَنَّ إِيرادَهُ ( ) على صُورةِ البَسْطِ أليقُ ، ودَمْجَها { هـ / 2 أ } ضِمْنَ تَوضيحِها أَوْفَقُ ، فسلكْتُ { أ / 2 أ } هذهِ الطَّريقَةَ ( ) القَليلةَ المسالِكِ ( ) .
[ فأقولُ ] ( ) طالِِباً مِن [ اللهِ ] ( ) التَّوفيقَ فيما هُنالِك :
الخَبَرُ (( قسم من أقسام الكلام يأتي في تعريفه ما يعرف به الكلام (( ثم يخرج من أقسام الكلام لأنه محتمل للصدق والكذب )) ( ) و [ هو ] ( ) )) ( ) عندَ عُلَماءِ [ هذا ( ) ] ( ) الفنِّ مرادفٌ للحَديثِ .
وقيلَ : الحَديثُ : ما جاءَ عَنِ النَّبيِّ { ن / 2 أ } صلَّى اللهُ عليهِ [ وعلى آلهِ ] ( ) وسلَّمَ ، والخَبَرُ ما جاءَ عن ( ) غيِره ، ومِنْ ثَمَّ ( ) قيلَ لمَن يشتغلُ بالتَّواريخِ وما شاكَلَها ( ) : الإخبارِيُّ ، ولمن يشتغلُ بالسُّنَّةِ النبويَّةِ : المُحَدِّثَ .
وقيل : بيْنهما { ظ / 2 ب } عُمومٌ وخُصوصٌ مُطْلقٌ ، فكلُّ حَديثٍ خبرٌ من غيرِ عَكْسٍ .
وعبَّرْتُ ( ) هنا ( ) بالخبَرِ ليكونَ أشملَ ، فهو باعتبارِ ( ) وصولِهِ إِلينا إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ ؛ أي : [ أسانيدُ ] ( ) كثيرةٌ ؛ لأنَّ طُرُقاً جمعُ طريقٍ ، وفعيلٌ في الكثرةِ يُجْمَعُ على فُعُلٍ – بضمَّتينِ – ، وفي القلَّةِ على أَفْعِلَةٍ .
والمرادُ بالطُّرُقِ ( ) الأسانيدُ ، والإِسنادُ حكايةُ (( عن )) ( ) طريقِ المَتْنِ .
(( والمتن هو غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام )) ( ) .
وتلكَ الكثرَةُ أَحدُ شُروطِ التَّواتُرِ إِذا وَرَدَتْ بِلاَ حَصْرِ عَددٍ { ب / 2 أ } مُعَيَّنٍ ، [ بل ] ( ) [ تكونُ ( ) ] العادةُ قد أحالتْ تواطؤهُم (( أو توافقهم )) ( ) على الكذِبِ ، وكذا ( ) وقوعُه منهُم اتِّفاقاً مِن ( ) غيرِ قصدٍ .
فلا مَعْنى لِتعْيينِ العَدَدِ على الصَّحيحِ ، ومِنْهُم مَنْ عيَّنَهُ في الأربعةِ ، وقيلَ : في الخمْسةِ ، وقيل : في السَّبعةِ ، وقيل : في العشرةِ ، وقيلَ : في الاثنَيْ عَشَر ، وقيل : { هـ / 2 ب } في الأربعينَ ، وقيلَ : في السَّبعينَ ، وقيلَ غيرُ ذلك .
وتَمَسَّكَ كُلُّ قائل بدليل جاءَ فيه ذِكرُ [ ذلكَ ] ( ) العَدَدِ ، فأفادَ ( ) العِلْمَ (( للحال )) ( ) ، { أ / 2 ب } وليسَ بلازِمٍ أَنْ يَطَّرِدَ في غَيْرِهِ لاحتمالِ الاخْتِصاصِ .
فإذا وَرَدَ الخَبَرُ { ط / 2 أ } كذلك وانْضافَ إليهِ أَنْ يستويَ الأمْرُ فيهِ في الكثرةِ المذكورةِ من ابتدائِهِ إلى انتهائهِ – والمرادُ بالاستواءِ أَنْ لا تَنْقُصَ الكَثْرَةُ { ظ / 3 أ } المَذكورةُ في بعضِ المَواضِعِ لا أَنْ لا تَزيدَ ( ) ، إذ الزِّيادَةُ [ هُنا ] ( ) مطلوبةٌ ( ) مِن بابِ أَوْلى ( ) – ، وأَنْ يكونَ مُسْتَنَدُ انتهائِهِ ( ) الأمرَ المُشاهَدَ أو المَسموعَ ، لا مَا ثَبَتَ { ن / 2 ب } بِقَضِيَّةِ العَقْلِ الصِّرْفِ .
فإِذا جَمَعَ هذهِ الشُّروطَ الأربعةَ ، وهي :
عَدَدٌ كثيرٌ أَحَالَتِ العادةُ تواطُؤهُمْ [ و ( ) توافُقَهُم ] ( ) على الكَذِبِ .
(( و )) ( ) رَوَوْا { ص / 2 أ } ذلك عن مِثْلِهِم من الابتداء إلى الانتهاءِ .
وكان مُسْتَنَدُ انْتِهائِهِمُ الحِسَّ .
وانْضافَ إلى ذلك أَنْ يَصْحَبَ ( ) خَبَرَهُمْ إِفَادَةُ العِلْمِ لِسامِعِهِ .
فهذا هو المتواتِرُ . وما تَخَلَّفَتْ إِفَادَةُ العِلْمِ عنهُ ( كانَ مَشْهوراً فقَط . فكلُّ ( ) متواتِرٍ مشهورٌ ( ) ، من غيرِ عَكْسٍ .
وقد يُقالُ ) ( ) : إِنَّ الشُّروطَ الأربعةَ إِذا حَصَلَتْ اسْتَلْزَمَتْ حُصولَ العِلْمِ ، وهُو كذلك في الغالِبِ ، (( و )) ( ) لكنْ قد تَتَخَلَّفُ ( ) عنِ البَعْضِ لمانعٍ .
(( كأن تحصل الإفادة ولم يحصل العلم كما إذا أخبر من لم يعتقد ذلك الخبر حصلت الإفادة ولم يحصل العلم )) ( ) .
وقد وَضَحَ بهذا (( التقرير )) ( ) تَعْريفُ ( ) المُتواتِرِ .
وخِلافُهُ { هـ / 3 أ } قدْ يَرِدُ بلا حَصْرٍ [ أَيضاً ] ( ) ، لكنْ مع فَقْدِ ( ) بعضِ الشُّروطِ ، أَو مَعَ حَصْرٍ بِما فَوْقَ الاثنيْنِ ؛ أي : بثلاثةٍ فصاعِداً ما لمْ يَجْمَعْ ( ) { أ / 3 أ } شُروطَ المُتواتِرِ ( ) ، أو بِهما ؛ أي : باثْنَيْنِ فقطْ ، أو بواحِدٍ [ فقَطْ ] ( ) .
والمرادُ بقولِنا : (( أَنْ يَردَ باثْنَيْنِ )) : أنْ ( ) لا يَرِدَ بأَقلَّ مِنْهُما ، فإِنْ وَرَدَ بأَكْثَرَ { ظ / 3 ب } في بعضِ المَواضِعِ ( ) مِن السَّنَدِ الواحِدِ لا يَضُرُّ ، إذ الأقلُّ في هذا [ العِلْمِ ] ( ) يَقْضي على الأكْثَرِ ( ) .
فالأوَّلُ ( ) : (( و )) ( ) (( هو )) ( ) المُتواتِرُ ( ) ، وهو المُفيدُ للعِلْمِ اليَقينِيِّ ، فأخرَجَ النَّظريَّ على ما يأْتي تقريرُه ، بِشروطِهِ [ (( أي )) ( ) التي تَقَدَّمَتْ .
{ ب / 2 ب } واليَقينُ : هو الاعتقادُ الجازِمُ المُطابِقُ ، وهذا هو المُعْتَمَدُ : أَنْ ] ( ) الخَبَرَ ( ) (( الواحد )) ( ) المُتواتِرَ ( ) يُفيدُ العِلْمَ الضَّروريَّ ، وهو الذي (( لا )) ( ) يَضْطُّر الإِنْسانُ إليهِ ( ) بحيثُ لا يُمْكِنُهُ ( ) دفْعُهُ .
وقيلَ : لا يُفيدُ العلمَ إِلاَّ نَظَرِيّاً !
وليس بشيءٍ ؛ لأنَّ العِلْم بالتَّواتُرِ ( ) حاصِلٌ لمن ليس لهُ ( ) أهليَّةُ النَّظرِ كالعامِّيِّ ، إذ النَّظرُ : ترتيبُ ( ) [ أُمورٍ معلومةٍ ] ( ) أَو مَظْنونةٍ يُتَوَصَّلُ بها ( ) إلى عُلومٍ أَو ظُنونٍ ، وليس في العامِّيِّ أهلِيَّةُ ذلك ، فلو كان نَظَرِيّاً ؛ لما حَصَل لهُم
ولاحَ { ن / 3 أ } بهذا التَّقريرِ ( ) الفرْقُ بين العِلْمِ الضَّرورِيِّ والعِلْمِ النَّظَرِيِّ ، [ إِذ ] ( ) الضَّرورِيُّ يُفيدُ العِلْمَ بلا اسْتِدلالٍ ، والنَّظريُّ يُفيدُهُ لكنْ مع الاستِدْلالِ على الإِفادةِ ( ) ، وأنَّ الضَّروريَّ يحْصُلُ لكُلِّ سامعٍ ، والنَّظَرِيَّ لا يَحْصُلُ إِلاَّ لِمَنْ فيهِ { ط / 2 ب } أهليَّةُ النَّظَرِ .
وإِنَّما { هـ / 3 ب } أََبْهَمْتُ ( ) شُروطَ التواترِ ( ) في الأَصْلِ ؛ لأنَّهُ على هذهِ الكيفيَّةِ ليسَ مِن مباحِثِ عِلْمِ الإِسْنَادِ ، (( وإنما هو من مباحث أصول الفقه )) ( ) إِذ ( ) عِلمُ { ظ / 4 أ } الإِسْناِد يُبْحَثُ فيهِ عن صِحَّةِ الحديثِ أَوْ ( ) ضَعْفِهِ ؛ لِيُعْمَلَ بِهِ { أ / 3 ب } أَو يُتْرَكَ مِن حيثُ صفاتُ الرِّجالِ ، وصِيَغُ الأداءِ ، والمُتواتِرُ ( ) لا يُبْحَثُ عَنْ رجالِهِ ، بل يجبُ العملُ بهِ مِن غيرِ بَحْثٍ .
فائدةٌ : ذَكَرَ ابنُ الصَّلاحِ أَنَّ مِثالَ المُتواتِرِ عَلى التَّفسيرِ المُتَقَدِّمِ يَعِزُّ وُجودُهُ ؛ إِلاَّ أَنْ يُدَّعَى ذلك في حَديثِ : (( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ [ مُتَعَمِّداً ؛ فلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ] ( ) )) .
وما ادَّعَاهُ مِن العِزَّةِ مَمْنوعٌ ، وكذا مَا ادَّعاهُ غيرُهُ مِن العَدَمِ ؛ لأنَّ ذلك نَشَأَ عَنْ ( ) قِلَّةِ الاطِّلاعِ ( ) على كَثْرَةِ الطُّرُقِ ، وأَحْوالِ الرِّجالِ ، وصفاتِهِمُ المُقتَضِيَةِ { ص / 2 ب } لإِبعادِ العادَةِ أَنْ يَتَواطَؤوا عَلى كَذِبٍ ( ) ، أو يَحْصُلَ منهُمُ اتِّفاقاً ( ) .
ومِن أَحْسَنَ مَا يُقَرَّرُ ( ) [ بِهِ ] ( ) كونُ المُتواتِرِ مَوجوداً وُجودَ كَثْرةٍ في الأَحاديثِ أَنَّ ( ) الكُتُبَ المشهورةَ المُتَداوَلَةَ ( ) بأَيدي ( ) أَهْلِ العِلْمِ شَرْقاً وغَرْباً المَقْطوعَ عِنْدَهُم بِصِحَّةِ نِسْبَتِها إلى مُصَنِّفيها ( ) ، إذا اجْتَمَعَتْ على إِخراجِ حَديثٍ ، وتعدَّدَتْ طُرُقُه تعدُّداً تُحيلُ ( ) العادةُ تواطُؤهُمْ على الكَذِبِ إِلى آخِرِ الشُّروطِ ؛ أَفادَ العِلْمَ اليَقينيَّ بصحَّتِهِ إِلى قائِلِهِ .
ومِثْلُ ( ) [ ذلكَ ] ( ) في الكُتُبِ المَشْهُورَةِ [ كَثيرٌ ( ) ] ( ) .
والثَّاني – { ن / 3 ب } { ظ / 4 ب } وهُو أَوَّلُ أقسام الآحادِ – : ما لَهُ طُرُقٌ مَحْصورةٌ { ب / 3 أ } بأَكثرَ مِن اثْنَيْنِ وهُو المَشْهورُ عندَ المُحَدِّثينَ : سُمِّيَ بذلك { هـ / 4 أ } لوُضوحِهِ ، وهُوَ المُستفيضُ ؛ عَلى رأْيِ جماعةٍ مِن أَئمَّةِ الفُقهاءِ ، [ سُمِّيَ بذلك لانْتشارِهِ ، [ و ] ( ) مِنْ فاضَ ( ) الماءُ يَفيضُ فيضاً .
ومِنْهُم مَن غَايَرَ ( ) بينَ المُسْتَفيضِ والمَشْهورِ ؛ بأَنَّ المُسْتَفيضَ يكونُ في ابْتِدائِهِ { أ / 4 أ } وانْتِهائِهِ سَواءً ] ( ) ، والمَشْهورَ أَعَمُّ مِنْ ذلكَ .
ومنهُمْ مَن غايَرَ على كيفيَّةٍ أُخْرى ، وليسَ مِن مَباحِثِ هذا الفَنِّ .
ثمَّ المَشْهورُ يُطْلَقُ على مَا حُرِّرَ هُنا ( ) وعلى ما اشْتُهِرَ على الألْسِنةِ ، فيشْمَلُ ( ) ما لَهُ إِسنادٌ واحِدٌ ( ) فصاعِداً ، بل [ ما ] ( ) لا يوجَدُ لهُ إِسنادٌ أَصْلاً .
والثَّالِثُ : العَزيزُ ( ) وهُو : أَنْ لا يَرْويَهُ أَقَلُّ مِن اثْنَيْنِ عنِ اثْنَيْنِ ، وسُمِّيَ بذلك إِمَّا لِقِلَّةِ وُجودِهِ ، [ وإِمَّا ( ) ] ( ) لكونِهِ عَزَّ – أَي : قَوِيَ – بمَجيئِهِ ( ) مِن طَريقٍ ( ) أُخْرى ( ) .
ولَيْسَ شَرْطاً للصَّحيحِ ؛ خِلافاً لمَنْ زعَمَهُ ، وهو أَبو عَليٍّ الجُبَّائيُّ مِن المُعْتزلةِ ، وإِليهِ يُومِئُ كلامُ الحاكِمِ أَبي عبد اللهِ في (( علومِ الحديثِ )) [ حيثُ ] ( ) قال : الصَّحيحُ أَنْ يَرْوِيَهُ الصَّحابِيُّ الزَّائِلُ عنهُ اسمُ الجَهالةِ ؛ بأَنْ يكونَ لهُ راوِيانِ ، ثمَّ يتداوَلَهُ ( ){ ظ / 5 أ } أَهلُ ( ) الحَديثِ إِلى وَقْتِنِا كالشَّهادَةِ [ عَلى الشَّهادَةِ ] ( ) .
{ ط / 3 أ } وصَرَّحَ القاضي أَبو بَكْرٍ بنُ العربيِّ في (( شَرْحِ البُخاريّ )) بأَنَّ ذلك شَرْطُ البُخاريِّ ، وأَجاب ( ) عمَّا ( ) أُورِدَ عليهِ مِنْ ذلك بِجوابٍ فيهِ نَظرٌ ؛ لأَنَّهُ قال : فإِنْ قيلَ : حديثُ (( (( إنما )) ( ) الأعْمَالُ بالنِّيَّاتِ )) فَرْدٌ ؛لم يَرْوِهِ عَنْ عُمرَ إِلاَّ عَلْقَمَةُ ( ) !
قالَ ( ) : { هـ / 4 ب } قُلْنا : [ قَدْ ] ( ) خَطَبَ بِهِ عُمَرُ [ رضيَ اللهُ عنهُ ] ( ) عَلى المِنْبَرِ بحَضْرةِ الصَّحابَةِ ، فلولا أَنَّهُمْ يَعْرِفونَهُ لأنْكروهُ !
كذا قالَ !
وتُعُقِّبَ ( ) (( عليه )) ( ) بأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ { ص / 3 أ } كَوْنِهِم سَكَتُوا عنهُ ( ) أَنْ { ن / 4 أ } يَكُونوا ( ) سَمِعوهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وبأَنَّ هذا لو سُلِّمَ في عُمَرَ مُنِعَ ( ) في ( ) تَفَرُّدِ عَلْقَمَةَ [ عنهُ ] ( ) ، ثمَّ تَفَرُّدِ مُحَمَّدِ بنِ إِبْراهيمَ بِه عَنْ عَلْقَمَةَ ، ثُمَّ تَفَرُّدِ يَحْيَى بنِ سَعيدٍ بهِ عَنْ مُحَمَّدٍ ؛ { أ / 4 ب } عَلى ما هُو الصَّحيحُ المُعْروفُ عِنْدَ المُحَدِّثينَ .
وقَدْ وَرَدَتْ لُهْم مُتابعاتٌ لا يُعْتَبَرُ ( ) بِها [ لِضَعْفِها ] ( ) .
وكَذا ( ) لا نُسَلِّمُ ( ) جَوابَهُ في غَيْرِ حَديثِ عُمَرَ [ رضيَ اللهُ عنهُ ] ( ) .
قالَ ابنُ رُشَيْدٍ : { ب / 3 ب } ولَقَدْ كانَ يَكْفي ( ) القاضيَ في بُطْلانِ ما ادَّعَى أَنَّهُ شَرْطُ البُخاريِّ أَوَّلُ حَديثٍ مَذكورٍ فيهِ
وادَّعَى ابنُ حِبَّانَ نقيضَ دَعْواهُ ، فقالَ : إِنَّ رِوايَةَ اثنَيْنِ عَنِ اثنَيْنِ إِلى أَنْ يَنْتَهِيَ لا تُوجَدُ ( ) أَصْلاً .
قُلْتُ : { ظ / 5 ب } إِنْ ( ) أرادَ [ [ بهِ ] ( ) أَنَّ ] ( ) رِوايَةَ اثْنَيْنِ فَقَطْ عَنِ اثْنَيْنِ فَقَطْ لا تُوجَدُ ( ) [ أَصْلاً ] ( ) ؛ فيُمْكِنُ أَنْ يُسَلَّمَ ، وأَمَّا صُورَةُ العَزيزِ الَّتي حَرَّرْناها ( ) فمَوْجودَةٌ بأَنْ لا يَرْوِيَهُ أَقَلُّ مِن اثْنَيْنِ عَنْ أَقَلَّ مِنَ اثْنَيْنِ .
مثالُهُ : ما رَواهُ الشَّيْخانِ مِن حَديثِ أَنَسٍ ، والبُخاريُّ مِن حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ (( رضيَ اللهُ عنهُ )) ( ) : أَنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ : (( لا يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِليهِ مِنْ والدِهِ وولَدِهِ ... )) الحديث .
[ و ] ( ) رواهُ عَنْ أَنَسٍ : قَتادَةُ وعبدُ العزيزِ بنُ صُهَيْبٍ ، ورواهُ عَنْ قتادَةَ : شُعْبَةُ وسعيدٌ ، ورواهُ [ عَنْ ] ( ) عبدِ العزيزِ : إِسماعيلُ بنُ عُلَيَّةَ وعبدُ الوارِثِ ، ورواهُ عن كُلٍّ جَماعةٌ .
والرَّابِعُ : الغَريبُ { هـ / 5 أ } وهُو : ما يَتَفَرَّدُ ( ) بِروايَتِهِ شَخْصٌ واحِدٌ في أَيِّ مَوْضِعٍ وَقَعَ التَّفَرُّدُ بِهِ مِنَ السَّنَدِ عَلى مَا سَيُقْسَمُ ( ) إِليهِ ( ) الغَريبُ المُطْلَقُ والغَريبُ النِّسبيُّ .
وكُلُّها أي : الأقسامُ الأرْبَعَةُ [ المَذْكورةُ ] ( ) سوى الأوَّلِ ، وهو المُتواتِرُ آحادٌ ، ويُقالُ لكُلٍّ منها : خَبَرُ واحِدٍ .
وخَبَرُ الواحِدِ في اللُّغَةِ : ما يَرويهِ { أ / 5 أ } شَخْصٌ { ن / 4 ب } واحِدٌ ، وفي الاصطِلاحِ : ما لَمْ يَجْمَعْ { ظ / 6 أ } شُروط المُتواتِرِ ( ) .
وفيها ؛ أي : [ في ] ( ) الآحَادِ ( ) : المَقْبولُ وهو : ما يَجِبُ العَمَلُ بِهِ عِنْدَ الجُمْهورِ .
وَفيها المَرْدُودُ ، وهُو [ الَّذي ] ( ) لَمْ يَتَرَجَّحْ ( ) صِدْقُ { ط / 3 ب } المُخْبِرُ بِهِ ؛ لتوقُّفِ الاستدلالِ بها عَلى البَحْثِ عَنْ أحوالِ رواتِها ، دُونَ الأوَّلِ ، وهو المُتواتِرُ .
فكُلُّهُ ( ) مَقْبولٌ لإِفادَتِهِ ( ) القَطْعَ بِصِدْقِ { ص / 3 ب } مُخْبِرِهِ بِخلافِ غَيْرِهِ مِنْ أَخبارِ الآحادِ .
لكنْ ؛ إِنَّما وَجَبَ العَمَلُ بالمَقْبولِ مِنها ، لأَنَّها إِمَّا أَنْ يُوْجَدَ فيها أَصلُ صِفَةِ القَبولِ – وهُو ثُبوتُ صِدْقِ النَّاقِلِ – ، أَوْ أَصلُ صِفَةِ الرَّدِّ – وهُو ثُبوتُ كَذِبِ النَّاقِلِ – أَوْ لاَ :
فالأوَّلُ : يَغْلِبُ { ب / 4 أ } على الظَّنِّ [ ثُبوتُ ] ( ) (( به )) ( ) صِدْقِ الخَبَرِ لِثُبوتِ صِدْقِ ناقِلِهِ فيُؤخَذُ بِهِ .
والثَّانِي : يَغْلِبُ على الظَّنِّ (( به )) ( ) كَذِبُ الخَبَرِ لِثُبوتِ كَذِبِ ناقِلِهِ فيُطْرَحُ .
والثَّالِثُ : إِنْ وُجِدَتْ ( ) قرينَةٌ تُلْحِقُهُ بأَحَدِ القِسْمَيْنِ الْتَحَقَ ، وإِلاَّ فَيُتَوَقَّفُ فيهِ ، وإِذا تُوُقِّفَ عَنِ العَمَلِ بهِ صارَ كالمَرْدودِ ، لا لِثُبوتِ [ صِفَةِ ] ( ) الرَّدِّ ، بل لكَوْنِه لمْ تُوجَدْ ( ) (( به )) ( ) فيهِ صفةٌ توجِبُ < القَبولَ ، واللهُ أعلمُ .
وقد يَقعُ ( ) [ فيها ] ( ) ؛ أي : في أَخْبارِ الآحادِ المُنْقَسِمَة إِلى مَشْهورٍ وعَزيزٍ وغَريبٍ ؛ مَا يُفيدُ العِلْمَ { ظ / 6 ب } النَّظريَّ بالقَرائِنِ ؛ عَلى المُختارِ ؛ خِلافاً لِمَنْ أَبى ذلك .
والخِلافُ في التَّحْقيقِ لَفْظيٌّ ؛ لأنَّ مَنْ جَوَّزَ إِطلاقَ العِلْمِ قَيَّدَهُ بِكونِهِ نَظَريّاً ، وهُو الحاصِلُ عن ( ) الاسْتِدلالِ ، ومَنْ أَبى الإِطلاقَ ؛ خَصَّ لَفْظ العِلْمِ بالمُتواتِرِ ، وما عَداهُ عِنْدَهُ [ كُلُّهُ ] ( ) ظَنِّيٌّ ، لكنَّهُ ( ) لا يَنْفِي { أ / 5 ب } أَنَّ ما ( ) احْتفَّ (( منه )) ( ) بالقرائِنِ أَرْجَحُ ممَّا ( ) خَلا عَنها .
يتبع ان شاء الله تعالى(من غير تصرف)
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى