قصة الهيثم بن عدي
صفحة 1 من اصل 1
قصة الهيثم بن عدي
قال الهيثم: قال لي المهدي: ويحك يا هيثم، إن الناس يخبرون عن الأعراب شحاً ولؤماً وكرماً وسماحاً، وقد اختلفوا في ذلك، فما عندك؟ فقلت: على الخبير سقطت، خرجت من عند أهلي أريد ديار فرائد لي، ومعي ناقة أركبها، إذ ندت فذهبت، فجعلت أتبعها حتى أمسيت فأدركتها، ونظرت فإذا خيمة أعرابي فأتيتها، فقالت ربة الخباء: من أنت؟ فقلت: ضيف، فقالت: وما يصنع الضيف عندنا؟ إن الصحراء لواسعة، ثم قامت إلى بر فطحنته، ثم عجنته وخبزته وقعدت فأكلت، ولم ألبث أن أقبل زوجها ومعه لبن، فسلم ثم قال: من الرجل؟ فقلت: صيف، فقال: مرحباً حياك الله، فدخل الخباء وملأ قعباً من لبن، ثم أتاني به وقال: اشرب، فشربت شراباً هنيئاً، فقال: ما أراك أكلت شيئاً، وما أراها أطعمتك، فقلت: لا والله، فدخل إليها مغضباً وقال: ويلك أكلت وتركت ضيفك، فقالت: وما أصنع به؟ أطعمه طعامي؟ وجاراها في الكلام حتى شجها، ثم أخذ شفرة وخرج إلى ناقتي فنحرها فقلت: ما صنعت عافاك الله؟ لا والله لا يبيت ضيفي جائعاً، ثم جمع حطباً وأجج ناراً، وأقبل يكبب ويطعمني ويأكل ويلقي إليها ويقول: كلي لا أطعمك الله، حتى إذا أصبح تركني ومضى، فقعدت مغموماً، فلما تعالى النهار أقبل ومعه بعير ما يسأم الناظر أن ينظر إليه، فقال: هذا مكان ناقتك، ثم زودني من ذلك اللحم ومما حضره، وخرجت من عنده، فضمني الليل إلى خباء، فسلمت، فردت صاحبة الخباء السلام وقالت: من الرجل؟ فقلت: ضيف، فقالت: مرحباً بك وحياك الله وعافاك، فنزلت، ثم عمدت إلى بر فطحنته وعجنته، ثم خبزته خبزة روتها بالزبد واللبن، ثم وضعته بين يدي فقالت: كل واعذر، فلم ألبث أن أقبل أعرابي كريه الوجه، فسلم فرددت عليه السلام، فقال: من الرجل؟ قلت: ضيف، قال: وما يفعل الضيف عندنا، ثم دخل إلى أهله، فقال: أين طعامي؟ فقالت: أطعمته للضيف، فقال: أتطعمين الضيف طعامي؟ فتجاريا الكلام، فرفع عصاه وضرب بها رأسها فشجها، فجعلت أضحك، فخرج إلي فقال: ما يضحكك؟ قلت: خير، فقال: والله لتخبرني، فأخبرته بقضية المرأة والرجل اللذين نزلت عندهما قبله، فأقبل علي وقال: إن هذه التي عندي هي أخت ذلك الرجل، وتلك التي عنده أختي. فبت ليلتي متعجباً وانصرفت.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى