بوابة أحد بوموسى نيوز


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

بوابة أحد بوموسى نيوز
بوابة أحد بوموسى نيوز
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

" الفهم الحداثي للنص الديني بين دعاوى الاجتهاد المنضبط والتَّجديد المتفِّلت"

اذهب الى الأسفل

" الفهم الحداثي للنص الديني بين دعاوى الاجتهاد المنضبط والتَّجديد المتفِّلت"  Empty " الفهم الحداثي للنص الديني بين دعاوى الاجتهاد المنضبط والتَّجديد المتفِّلت"

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك الجمعة نوفمبر 09, 2012 6:56 am


بسم الله الرحمن الرحيم

إعداد: أ.د/ محمد بن زين العابدين رستم
بحث مقدم إلى
الملتقى الدولي:" فهم القرآن والسنة على ضوء علوم العصر ومعارفه"
جامعة الأمير عبد القادر قسنطينة الجزائر1433هـ الموافق2011م.

مقدمة البحث

شهد العصرُ الحديثُ في العالم الغربي ثورةً هائلة في العلوم والمعارف الحديثة التي غيَّرت كثيرا من المفاهيم، وزحزحت كثيرا من القناعات والمرجعيات، ونَسفت كثيرا من النظريات والأطروحات، وأسقطتْ كثيرا من المذاهب والتيارات، وأصبح العلمُ هو المعبودُ، وغدا الإنسانُ هو محور الكون وسيده، وفُهمت الأديان والِمللُ والأفكار والأطر المرجيعة، على ضوء أنَّ العلمَ هو الحاكمُ على الكلِّ والمهيْمن على المعرفة الإنسانية، وأنَّ قولَه هو القولُ الفصْلُ، وحكْمه هو الحكْم الجزْل.
ولما حصلَ التلاقي بين العالمين: الغربي والعربي في محطَّات تاريخية معروفةٌ أسبابها ودواعيها، انتشرتْ في العالم العربي هذه الأفكارُ التي عمِل "الإستشراق" و"التغريب" و"الاستعمار" على " توطينها " بدعوى أنها " مثاقفة" أو"استفادة من مُعطًى إنساني مشترك" لا يعرف له دينا ولا وطنا، فحدثتِ الرجفة أو ما يُسمِّيه بعضهم بـ" الصدمة "، وكان من نتائج ذلك وآثاره، ظهور طبقة من المفكِّرين العرب والمسلمين الذين تلقفوا الأفكار الغربية تلقف العاشق الولهان، وتبنَّوها تبني الوامق الصَّديان، فنشأت معارك بين القديم والجديد، وصِدامات بين فكر وافد دخيل يرى أن معارف العصر وعلومه يجب أن تكون منها البدايةُ وإليها يكون المنتهى، وبيْن فكرٍ يُرى أنه منغلق أو محافظ، لا يبغي بدينه فكرا جديدا، ولا بالطرق المنهجية القديمة المؤسَّسة على الكتاب والسنة في فهم واستنباط الحكم بديلا.
ونجمَ الخلافُ بين الطائفتين واستشرى أُوَارُه، وزاد الطِّينَ بلةً تمسُّكُ الفريق الأول بمنهجٍ غريبٍ في فهم النُّصوص وتفسيرها تفسيرا شاذا، يخالف المجمعَ عليه عقلا ونقلا، وتاريخا ولغة وذوقا.
ومدارُ هذه المشاركة في هذا الملتقى المبارك على بيان معالم المنهاج الغريب الدَّعي الذي تمسك به كثيرٌ من الحداثيين من العلمانيين وأدعياء الاجتهاد من العصرانيين في فهم النصوص كتابا وسنةً.
ولقد اقتضى منهجُ العمل تقسيم مباحث الدراسة على هذا النحو:
المبحث التمهيدي في شرح المصطلحات الواردة في عنوان الدراسة.
المبحث الأول: الأسباب الداعية لأخذ الحداثيين من أدعياء الاجتهاد المنضبط، والتجديد المتفلت بمنهاج شاذ لفَهْم النصوص وفيه:
المطلب الأول: المطلب الأول: تفصيل القول في الأسباب المؤدية إلى الفهم الجديد للنصوص الشرعية.
المطلب الثاني: نتائج الأسباب الحاملة على الفهم الحداثي للنُّصوص الشرعيَّة.

المبحث الثاني: : مناهج الحداثيين النابعة من معارف العصر وعلومه ـ في فهم النصوص كتابا وسنة وفيه:
المطلب الأول: فهم القرآن الكريم على ضوء مناهج البحث في علوم العصر.
المطلب الثاني: فهم السنة النبوية على ضوء مناهج البحث في علوم العصر.
المبحث الثالث: تقويم مناهج الحداثيين في فهم النص الديني، وبيان آثار تبني الطرح الحداثي في الفهم.
الخاتمة في أهم الخلاصات والتَّوصيات والمقترحات التي تُثري الإضافة العلميَّة للموضوع المبحُوث فيه.
ويتوقع الباحثُ أن يحقق أهدافا علمية من خلال هذه الدراسة، منها:
1/ تقويمُ الدِّراسات الحداثية المعاصرة التي يتأرجحُ حالُها بين ادعاء الاجتهاد المنضبط، ودعوى تجديد الفهم للنص الديني.
2/ اقتراح منهجية عملية للتصدي لأدعياء الاجتهاد والتجديد المُنفلت في العصر الحديث.
ولعل المنهاج المرضي في مثل هذا الضرب من البحوث هو المنهاج القائم على الاستقراء والدراسة والتحليل، مع ما قد يستوجب ذلك من المقارنة بين الآراء والترجيح بينها والموازنة بين غثِّها وسمينها.
والله أسألُ أنْ يضع لهذه الدراسة الحُظوة والقَبول، وأن ينفع بها وأن يبارك في جهود صاحبها، وأن يجعل عمله خالصا لوجهه تعالى، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على الرَّحمة المهداة والنِّعمة المزجاة، سيدنا محمَّد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا.

المبحث التمهيدي في شرح المصطلحات الواردة في عنوان الدراسة:
لابد من أجل الوقوف على موضوع هذه الدراسة من افتتاحها بمبحث تمهيدي، نجلِّي فيه معاني بعض المصطلحات التي اشتمل عليها عنوانها، حتى يتبين للقارئ الكريم هدفها وغايتها، فمن ذلك:
أولا: المقصود من الفهم الحداثي:
1/ الحداثة لغةً: لما كان الفهمُ هنا مضافا إلى الحداثة، ناسبَ أن نعرِّف بها، حتى يتبين معنى الفهم الذي أضيف إليها، فالحداثة لغة من حدث حدوثا وحداثة فهو حديث، ويقال حدُث نقيض قدُم[1].
2/ الحداثة اصطلاحا:إذا نحن لم نعرج على معنى المصطلح في بيئته الأصلية في أوروبا، وأردنا أن نقف على معناها في التداول الثقافي العربي،فـ" إن مفهوم الحداثة في الفكر العربي مفهوم مطاط، وغير مستقر، وليس له صورة واحدة، أو شكل محدَّد فهو مفهوم متحرك وشمولي، يشمل كل التيارات الفكرية والمذاهب الفلسفية بكل فروعها التي وفدت لعالمنا العربي"[2].
ولما كان مفهوم الحداثة Modernité بهذه الدرجة من الغموض، اختلفت آراء الحداثيين العرب في بيان معناها، وإن اتفقوا على كثير من مقتضياتها ومستلزماتها، فعبد المجيد الشرقي يرى أن المفهوم " مستعمل للدلالة على المميزات المشتركة بين البلدان الأكثر تقدما في مجال النمو التكنولوجي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي[3]"، وأنَّ" أهم ما يميز المجتمعات التي تتسم بالحداثة قدرتها بخلاف المجتمعات التقليدية على الابتكار والتغيير"[4]، وأن من أهم لوازم الحداثة" العقلانية، إذ لا تتصور الحداثة بدون عقلنة"[5]، وحنا عبود يرى أن" الحداثة فعل كوني شمولي، وعندما يكون هذا الفعل محليا نطلق عليه اسم التجديد أو جديد"".[6]
وإذا أردنا أن نقرِّب الحداثة في تعريفٍ يجمع أهمَّ ما قد تستعمل فيه، فإننا نقول:"الحداثة مذهب فكري وأدبي يحمل جذوره وأصوله من الغرب، يقوم على أساس التمرد على الموروث الثقافي والحضاري، ومحاولة تجاوزه بعد فهمه وتفسيره".
ومن أهم خصائص الطرح الحداثي " الثورة الهائجة على القديم وخاصة الدين وما يتصل به، حتى ولو كان الدين فيه وثنية وانحراف، وكذلك الجنس والإباحية والانحلال، وأخيرا محاولة تغطية ذلك كله بفكر أو أدب من خلال السعي إلى جديدٍ والبحث عن حديثٍ في تلك الظلمات وذلك التيه"[7].
ومما يمكن أن يلاحظ على الحداثيين العرب " أنهم تبريرا لدعوى الانقطاع عن تراثهم، يمجدون تراث غيرهم، وتهربا من مواجهة حاضرهم أو ماضيهم ينتقدونه جملة أو تفصيلا لتبرير اتباع حاضر غيرهم، فالحداثة تعني عندهم انقطاعا عن الماضي إذا كان هذا الماضي هو ماضي الذات العربية نفسها، أما إذا كان ماضي الغرب فهي اتصال واستمرار وثيقين"[8].
وإذا أردنا أن نقف على معنى قولنا في العنوان: الفهم الحداثي، بعد هذا الذي شرحناه من معنى الحداثة، كان المراد دائرا على المقاربات العربية المعاصرة للقرآن الكريم وللسنة النبوية الرامية إلى الثورة على الضوابط المنهجية القديمة في التفسير والشرح.
ثانيا: المقصود بالنص الديني: مرادنا من هذا الإطلاق" النص الإسلامي [و هو] هنا محصور في النصين القرآني والحديثي"[9].
ثالثا: المقصود من الاجتهاد المنضبط: إذا كان الاجتهاد يعني لغةً استفراغ الوسع وبذل القوة والطاقة لبلوغ غاية ما[10]، فإن معناه اصطلاحا " استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرع
على وجه يحس من النفس العجز عن المزيد عليه"[11].
وإذا كان الاجتهاد بشروطه المعتبرة : العلم باللغة، وبالكتاب والسنة وغير ذلك[12] عُدَّ منضبطا يعني مقيدا بالضوابط المنهجية التي تعصم من الزلل، وتقي موارد الهلكة والخطأ، وإذا كان غير ذلك سمي اجتهادا منفلتا أو متسيبا.
رابعا: المقصود من التجديد المتفلت: ما يقوم به الاتجاه العقلاني من محاولة لتفسير النصوص الشرعية وفق مقتضيات الفلسفة البشرية، وليّ أعناق النصوص ليًّا لتتفق معها، والتجديد المتفلت من الدين هو الذي يسعى دعاته إلى تغيير حقائقه الثابتة القطعية لتلائم أوضاع الناس وأهواءهم.
المبحث الأول: الأسباب الداعية لأخذ الحداثيين من أدعياء الاجتهاد المنضبط، والتجديد المتفلت بمنهاج شاذ لفَهْم النصوص.
هذا المبحث كالتوطئة لما بعده فهو معقودٌ لبيان الأسباب التي من أجلها أخذ الحداثيون المعاصرون من أدعياء التجديد المتفلت، والاجتهاد المنضبط بمنهاج معتمد على معارف العصر وعلومه لفهم النصوص الإسلامية قرآنا وسنة فهما شاذا غريبا، لم يتقدمهم إليه أحدٌ من سلف هذه الأمة.
والمتأمل في هذه الأسباب يجدها لا تكاد تخرج عن ثلاثة أسباب رئيسية:
أولا: أسباب تاريخية: الاستعمار، الاستلاب والتغريب والإستشراق.
ثانيا: أسباب شخصية: الدراسة في الغرب والإبتعاث ، والتثقيف الذاتي على كتب وثقافة الغرب.
ثالثا: ادعاء الاجتهاد والتصدر للإفتاء والتوجيه التربوي والإداري.

المطلب الأول: تفصيل القول في الأسباب المؤدية إلى الفهم الجديد للنصوص الشرعية
أولا: الأسباب التاريخية: الاستعمار والاستلاب والتغريب والإستشراق.
لقد عرفت الأمة العربية والإسلامية في العصر الحديث منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي هجْمةً استعمارية طرقت أبواب العالم الإسلامي بأسره، احتلتْ فيها الدولُ الاستعماريةُ الكبرى أرضَ الإسلام، واستغلَّت خيراته وسخَّرت طاقاته وإمكانياته، وحاولتْ مسخَ هويته ودينه، واستلاب ثقافته وحضارته، ولقد استعان الاستعمار في إنجاح غارته، وإنجاز هجمته، بوسيلتين اثنتين هما:
1/قوافل المستشرقين والمنِّصرين التي جيَّشها ضمن جيوش زحفه.
2/قوافل المستلَبين من أبناء المسلمين.
أولا: لقد انطوى عملُ المستشرقين والمنصِّرين في بلاد الإسلام على حدٍّ سواء " على نزعتين رئيسيتين: النزعة الأولى: تمكين الاستعمار الغربي في البلاد الإسلامية، وتمهيد النُّفوس بين سكان هذه البلاد لقَبول النفوذ الأوربي والرضاء بولايته، النزعة الثانية: الروح الصليبية في دراسة الإسلام، تلك النزعة التي لبست ثوب البحث العلمي، وخدمة الغاية الإنسانية المشتركة[13]".
ومن معالم النزعة الأولى ومظاهرها: إضعافُ القيم الإسلامية، وتمجيدُ القيم الغربية المسيحية، فبخصوص المعلم الأول، استطاع الإستشراقُ أن يقدِّم دينَ هذه الأمة للمسلمين تقديما مشوَّها، وذلك" عن طريق شرح تعاليم الإسلام ومبادئه شرحا يُضعف في المسلم تمسكه بالإسلام، ويقوِّي في نفسه الشَّكَّ فيه كدين، أو على الأقل كمنهجٍ سلوكي يتَّفق وطبيعة الحياة القائمة".[14]
وسعى الإستشراقُ فيما كتبه عن الإسلام أيضا إلى تمجيد القيم الغربية المسيحية فصوَّر للمسلمين أنَّ سرَّ تقدم الغرب إنما كان لِـ"أصالة القيم المسيحية، وقوة صلتها بتحرير الإنسان من الجهل والفقر والمرض، وقوة صلتها كذلك بانطلاق الإنسان في الحياة من غير خوف أو وجل[15]".
وتتجلى النزعة الثانية في دراسات المستشرقين عن الإسلام في كتاباتهم المتنوعة التي تطفح بالحقد على دعوته ونبيه ، إذ يُصوَّرالإسلام على أنه من صنع محمد، وأنه دين بشري، وأن الرَّسول لفَّق فيه من المسيحية واليهودية، وأنه حرَّف هاتين الديانتين[16].
ثانيا: استطاع الاستعمارُ أنْ يستميلَ من أبناء المسلمين من يروِّج لأطروحاته، ويُمالئه على البقاء في ديار الإسلام ، وكان هؤلاء المستمالين على ضربين: الضرب الأول: تمثله مذاهب وأفكار هدَّامة ظهرت في أقصى بلاد الإسلام في الهند كالقاديانية والأحمدية[17]، والضرب الثاني: طائفةٌ من الكُتَّاب والمفكِّرين الذين اصطنعهم الاستعمارُ من أجل تحسين صورة الحضارة الغربية، والتنفير من المكْتسبات الحضارية الإسلاميَّة بدعوى الإصلاح تارة، أو التجديد تارة أخرى، أو الاجتهاد تارة ثالثة.[18]
ثانيا: أسباب شخصية: الدراسة في الغرب والإبتعاث ، والتثقيف الذاتي على كتب وثقافة الغرب.
كان الإبتعاثُ إلى الغرب أحدَ الأسباب التي جعلت كثيرا من أبناء العروبة والإسلام، يطَّلعون على علوم ومعارف الحضارة الغربية التي لم تكن معروفةً في العالم الإسلامي في مطالع القرن العشرين، ولم تقتصر استفادة المثقفين العرب من حركة الإبتعاث إلى الخارج على العلوم التجريبية والحقة حسبُ، بل تعدتها إلى الاستفادة من علوم ومعارف تخص ميادين العلوم الإنسانية أفكارا ومناهج[19]، مما أثر في طرائق تفكير شريحة واسعة من هؤلاء المبتعثين، وجعل غالبيتهم تعتقد أنَّ " أوروبا هي عامل التحديث الأساسي[20]".
وكان كثيرٌ من هؤلاء المبتعثين في معاهد وجامعات الغرب مؤطَّرين علميا في رسائلهم وبحوثهم الجامعية لنيل الدكتوراه، من قِبل مستشرقين أو متعصبين من أساتذة الفكر الغربي الذين كانوا لا يفوِّتون فرصة الإشراف على مثل هذه البحوث التي يكون موضوعها وصاحبها منتسبا إلى الثقافة الإسلامية، فيُوعزون إلى أصحابها بضرورة القدح في الثوابت الإسلامية، كما أنهم يوجِّهون فكر أصحابها إلى نقاط سوداء في تاريخنا العريق، فيضخمونها ويحيطونها بهالة من الأهمية والجدية في تاريخ الفكر الإسلامي، ويوجِّهون الطلبةَ إلى ضرورة بحثها وإثارتها ترويجا للباطل الذي فيها، ونشرا للشبهات التي بزعمهم تكتنفها[21].
ومن الكُتاَّب العرب المعاصرين من أهل الفكر والأدب، ممن لم تُتح لهم فرصة الذهاب إلى الغرب للدراسة فيه، طائفةٌ تتلمذت على الكتب الحضارة الغربية التي دخلت إلى العالم العربي حاملة معارف وثقافة العصر الحديث، وكان دافعَ هذه الطائفة من الكُتاَّب تثقيفُ الذات، وإشباعُ النَّهمة إلى العلم، والسَّعي إلى الإطلاع على كل جديد طارئ.
ولم تكن اللغة الأجنبية التي أُلِّفت بها هذه الكتب الجديدة التي تحمل علوم ومعارف العصر الحديث، حائلا دون إقبال هذه الطائفة من الكُتَّاب على تعلُّم ما فيها، لنشاط حركة الترجمة إلى العربية من جهة، ولإقبال هؤلاء الكُتاَّب على تعلم اللغات الأجنبية من جهة أخرى.
ثالثا: ادعاء الاجتهاد والتَّصدر للإفتاء والتَّوجيه التربوي والإداري.
كانت دعوى الاجتهاد والتَّجديد من الأسباب الحاملة لكثير من مفكري العصر الحديث على سلوك نحوٍ شاذ وغريب لفهم الأصليْن العظيميْن فهما يخالف المعهود من الضوابط المنهجية التي ظلَّ الأصلان يُفهمان بها طيلة قرون متطاولة، إذ فَهم هؤلاء الاجتهاد على أنه" الدعوة إلى التجديد الذي يجيز ما حملته حضارة التغريب من نظم وأفكار وقيم وأخلاق ومناهج، فاتخذ التجديد عند بعض المثقفين مفهوم فصل الدين عن الدولة، أو مفهوم إباحة سفور النساء، أو الإقرار بالربا في معاملات المصارف، أو تسويغ موالاة الكفار، أو حتى التنازل عن سيادة الأمة على أرضها أو بعض أراضيها، بكلمة أخرى كان المطلوب من التجديد أن يسوِّغ الاستسلام الحضاري للغرب بفتاوى إسلامية تُطلق تحت شعار التجديد[22]".
وصرنا في العصر الحديث في مواجهة أقسام ثلاثة من دعاة التجديد[23]:
- قسم من " الغُلاة في التجديد الذين يريدون أن ينسفوا كلَّ قديم وإن كان هو أساس هوية المجتمع ومبرر وجوده، وسر بقائه...وتجديد هؤلاء هو التغريبُ بعينه" وهذا القسم هو الذي نعنيه هنا.
- وقسم ثانٍ من" الذين يريدون أن يبقى كل قديم على قدمه، حكمتهم المأثورة ما ترك الأول للآخر شيئا...وليس في الإمكان أبدع مما كان، وهم بجمودهم يقفون في وجه أي تجديد في العلم والفكر والأدب والحياة...وفي مجال الدين فئتان ينتهي موقفهما إلى تجميد الإسلام...فئة مقلدي المذاهب المتعصبين لها الذين يرفضون أيَّ خروج عليها، ولا يعترفون بحق الاجتهاد لفرد ولا لجماعة في هذا العصر إلا في إطار ما قررته مذاهبهم وحدها، بل في حدود ما حرره المتأخرون من علماء المذهب وأفتوا به...وفئة أخرى هي...الظاهرية الجدد...أي الحرفيين الذين يقفون جامدين عند ظواهر النصوص ولا يمعنون النظر إلى مقاصدها، ولا يفهمون الجزئيات في ضوء الكليات...".
- وقسم ثالث" بين هذين الصنفين ...رفضَ جمود الأولين وجمود الآخرين يلتمس الحكمة من أي وعاء خرجت، ويقبل التجديد ويدعو إليه وينادي على أن يكون تجديدا في ظل الأصالة الإسلامية...".
المطلب الثاني: نتائج الأسباب الحاملة على الفهم الحداثي للنصوص الشرعية
لقد ساهمتْ هذه الأسباب باجتماعها أوْ بوجود واحدٍ منها في المساعدة على انتشار ظاهرة الفهم الحداثي للنَّص الشرعي قرآنا كان أوْ سنة، وتمخَّضت عن ذلك جملة من النتائج نسوق القولَ فيها على هذا النحو:
1/ توجيهُ النظر إلى إصلاح مناهج تدريس العلوم الشرعية، وذلك بتجديد مناهج فهْم الأصليْن: الكتاب والسنة على نحوٍ مخالفٍ للمعهود من ضوابط وقواعد: ولقد عبَّر عن هذا الهدف الذي هو في الحقيقة نتيجةٌ طبيعيةٌ من نتائج ما سلَف من أسباب ممهِّدة لظاهرة الفهم الحداثي للنصوص الشرعية – د/ طه حسين قديما عندما قال:" وليس من شك في أنَّ طبيعة الحياة العصرية، تقتضي أن تُعنى – كلية الآداب- عنايةً خاصَّة بالدراسات الإسلاميَّة على نحوٍ علميٍّ صحيحٍ لأنَّ كلية الآداب متصلةٌ بالحياة العلمية الأوربية، وهي تعرف جهد المستشرقين في الدراسات الإسلامية، ومن الحق عليها أن تأخذ بنصيبها من هذه الدراسات..".[24]
2/ جرأة كثير من المفكرين الحداثيين على الكتاب والسنة تأويلا وتحريفا للكلم عن مواضعه بدعوى ممارسة" القراءة الجديدة "، أو" القراءة المعاصرة" أو" القراءة الحرة" للأصليْن، وسيأتي بسطُ معالم هذه النتيجة في موضع هو بها أملك.
3/ تكوين جيل من الباحثين من خريجي الجامعات العربية، مقطوع الصِّلة بقواعد وضوابط الفهْم المنضبط للقرآن والسُّنة، ولقد سهر على تكوين هذا الجيل طائفة من المفكرين الحداثيين الرُّواد الذين آثروا " تحديث الفكر الإسلامي"، و" ممارسة الإصلاح"، و" توطين الحداثة"، و" إضفاء الشرعية على الفهم الجديد لما سموه تراثا لهذه الأمة، وهو بلاشك عندهم القرآن الكريم والسنة المشرفة.
وأفلحَ جمعٌ من هؤلاء المفكرين الحداثيين الرُّواد في تكوين فريق من الباحثين الدائرين في فلكهم، إشرافا على رسائلهم الجامعية، أو توجيها لهم للبحث في قضايا تهمُّ النصَّ القرآني أو الحديثي، ( فريق محمد أركون في فرنسا وعبد المجيد الشرفي[25] في تونس وتلاميذه مثلا).
4/ نشوء جيل من المفكرين الحداثيين قليلي الإطلاع على الإسلام وثقافته وعلومه وتاريخه، في مقابل سعة اطلاعه على ثقافة وحضارة وعلوم الغرب ومعارفه، وكيف يكلف هذا الجيل نفسه بالإطلاع على علوم الإسلام وثقافته " وهم تربوا داخل ثقافات علمانية غربية، تبحث قضايا الوجود كلها بمعزل عن الدين وقيمه، وحتى ذكْر اسمه، لأن ذلك يعني من وجهة نظرها عودة الكنيسة ومأساتها التاريخية إلى المجتمع....ولقد عبر الدكتور زكي نجيب محمود عن هذه الحقيقة بصراحة كاملة بعد أن جاوز الستين من عمره فقال:" لم تكن قد أتيحت لكاتب هذه الصفحات في معظم أعوامه الماضية فرصة طويلة الأمد تمكنه من مطالعة صحائف تراثنا العربي على مهل، فهو واحد من ألوف المثقفين العرب الذين فتحت عيونهم على فكر أوربي قديم وجديد، حتى سبقت إلى خواطرهم ظنون بأن ذلك هو الفكر الإنساني الذي لا فكر سواه...".[26]
على أن الذين مارسوا من هؤلاء الإسلامَ نوع ممارسة، واطلعوا منه على علومه وثقافته أعملوا في مرجعياته وأسسه تأويلا وتفسيرا ، وفهموا ذلك كله على ضوء معارف وعلوم العصر منبهرين بما وصل إليه الإنسان، غير ملتفتين إلى أصول وضوابط هذا الشأن.
5/ بروز طبقة من كُتاَّب الحداثة ومنظريها، ممن يسعى إلى تبييئها في التربة الإسلامية وتوطينها فيها – وقد تبنوا خطة الكشف عن تهافت التراث باستعمال التراث نفسه، سواء كان هذا التراث قرآنا أو سنة ، وذلك من أجل ضرب التراث من الداخل كما قد زعمت، فجعلت هذه الطبقة من الحداثيين على عاتقها مهمة تفسير الدين ونصوصه تفسيرا جديدا عصريا حداثيا، لأنها زعمت أن التيار الديني " لم يفهم روح الإسلام، ولم يفهم معنى التطور الإنساني، لذا وجب على التيار الحداثي أن يقدِّم الفهم الصحيح للدين[27]".
6/ دعت أغلب كتابات الحداثيين المعاصرين إلى نبذ الاعتماد على الضوابط المنهجية لفهم الكتاب والسنة، إذ رأت أنه " لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب الله، وعن رسول الله من رسوله...بدون توسيط أحد من سلف ولا خلف[28]"، وأنَّ أول ما يجب القيام به من أجل المراجعة المعمَّقة للقرآن الكريم والفهم له " هو إعادة قراءة للكتاب العزيز واستكشاف لأحكامه ولمحتواها التشريعي حتى نتبين بالتدقيق ما جاء به القرآن الكريم، ونميزه مما نسبه إليه المفسرون والفقهاء عبر العصور[29]"، وعدَّت أغلبُ هذه الكتابات علاقتنا بهذه الضوابط المنهجية " علاقة تقديس وارتهان لنصوص ثوانٍ، هي نصوص التأويلات التاريخية والبشرية النسبية للمعطى الموحَى به، سواء في ذلك التفاسير القرآنية، ومجاميع الحديث النبوي، وكتب السيرة والمغازي والمناقب، وقواعد الاستنباط التي سنَّها الأصوليون، والأحكام التي دُوِّنت عن أئمة المذاهب وتلامذتهم، والعقائد الملزمة التي حُفظت عن شيوخ أهل السنة والشيعة والخوارج[30]"، وتساءلت هذه الكتابات على لسان أصحابها قائلةً:" كيف يكون السبيلُ إلى التَّخلص من هذه الأسْيِجة التي تكبِّل المسلم؟ وكيف يمكن التحرر من وطأة الماضي وقيوده؟ وما الطريقُ إلى فكر إسلامي إبداعي يحقق الطموحات المشروعة إلى تسامٍ روحي وأخلاقي تفتقر إليه الحضارة الحديثة، المادية في جوهرها؟".[31]
المبحث الثاني: مناهج الحداثيين النابعة من معارف العصر وعلومه في فهم النصوص كتابا وسنة.
لم يتورع الفكر الحداثي المعاصر من استعمال معارف وعلوم العصر في ممارسة ما يسميه " القراءة الجديدة للنصوص الدينية الإسلامية" ، بدعوى"التجديد في الفكر الإسلامي" أو بدعوى " ممارسة حق التحديث"، أوْ "حق التجديد والاجتهاد".
ولم يتوانَ هذا الضربُ من الفكر العلماني لحظةً عن توظيف أيِّ علمٍ من العلوم العصرية الطارئة، سواء أكانت هذه العلوم مما أثبت نتائجه التحقيقُ العلميُّ، أو ما زال خاضعا للأخذ والرد بين واضعيه.
وغدت النُّصوص الإسلاميَّة قرآنا وسُنَّةً من قِبل هؤلاء المفكِّرين الحداثيين - حقلَ تجارب لمختلف المناهج والنَّظريات التِّي أفرزتها العلومُ الإنسانيةُ المعاصرةُ على وجه الخصوص، إذ " بتتبع واستقراء مختلف كتابات المعاصرين الداعية إلى فهم كتاب الله في ضوء المناهج الحديثة لتحليل الخطاب، لا نكاد نجد قاسما مشتركا بين مختلف الكتابات سوى تلك الرغبة الجامحة لإسقاط أي نظرية على النص القرآني دون مراعاة مدى توافقها معه أو مجافاتها له، والدارسُ اليومَ يستطيع أن يقرِّر...أنَّه ما من منهجٍ أو نظرية معرفية ظهرت إلا انعكس صداها في الدرس القرآني"[32].

المطلب الأول: فهم القرآن الكريم على ضوء مناهج البحث في علوم العصر
تسابقَ الحداثيون العربُ إلى مناهج البحث في العلوم الإنسانية التي نشأت في الغرب، متأثرةً بفلسفاتِ أصحابها، وآرائِهم تجاه الكون والحياة والإنسان، فدرَسُوها ودرَّسوها في الجامعات العربية، وتبجَّحوا بعدُ بقراءة الأصليْن العظيميْن: القرآن والسنة بها، ذهابا منهم إلى ضرورة الاستفادة من علوم العصر ومعارفه، مدَّعين أنهم " مجددون" و" مجتهدون"، و" قارئون " للنص الديني الإسلامي وللفهم الصحيح له ممارسون.
1/ المنهج الألسني:
ومن مناهج العلوم التي طبَّقها الفكرُ الحداثيُّ المعاصرُ على القرآن الكريم فهما وشرحا، المنهج اللساني، الذي نشأ " في ظروف تمدُّد المنهجيَّة الوضعية الغربيَّة وبسط نفوذها على العلوم الإنسانية لإخضاعها لمنطق الحس، بالرغم من مفارقتها له"[33].
وممن حاول تطبيق هذا المنهاج اللساني على القرآن الكريم من الحداثيين المعاصرين: محمد أركون
ومحمد أبو القاسم حاج حمد ومحمد شحرور وغيرهم[34].
وسنقف بالقارئ الكريم هنا على محاولة أشهر مفكر حداثي من بين هؤلاء الثلاثة، وهي محاولة محمد أركون، وذلك لتبجحه بكونه كما يقول" العالم المجتهد المتسلح بالآلات العلمية الحديثة"[35]، أو كما يقول علي حرب عنه:" هو أبرز مفككي النص القرآني والعقل اللاهوتي الذي جسده أو انبنى عليه[36]" لأنه " يوظِّف ترسانة معرفية ومنهجية هائلة ضد تراث طويل من التفسير، يقوم على التعامل مع القرآن بوعي ديني يتجاوز التاريخ ويعلو عليه"[37].
ولقد كنَّا نوهنا في غير هذه الدراسة[38] بأن محمد أركون " حاول الأخذ بعدة مناهج في قراءته للنص القرآني منها البنيوية فاللسانيات ثم السيميائيات، ثم انتقل إلى علم الأناسة والأنثروبولوجيا، ولعله يخلط أحيانا بين هذه المناهج كلها أثناء عملية القراءة[39]، ذلك لأن القراءة الإيمانية حسب أركون لا تخدم القرآن الكريم ولا الفكر الإسلامي، ويجب أن يُخدمَ هذا النوع من الفكر من قبل باحثين مستقلين، عوض خدامه المتحمسين، وهم المستشرقون واللادينيون.[40]
لقد كان محمد أركون مسكونا بتوظيف مناهج العلوم المعاصرة، التي منها اللسانيات في فهم القرآن الكريم وقراءته، وذلك حدا به أن يقول:" ننتظر أن يتمَّ تناول القرآن من جميع الوجوه، وأن يخضع للقراءة والتأويل من قِبل جميع الفاعلين الاجتماعيين، مهما كان مستواهم الثقافي وتوجهاتهم المذهبية، وذلك للإجابة على مختلف الأسئلة العلمية والاكتشافات الجديدة لأنظمة القرآن في اللسانيات والتاريخ والأنتروبولوجيا والعقيدة والفلسفة"[41].
والهدف الذي يرجو محمَّد أركون الوُصول إليه من خلال توظيف هذا الضرب من المنهاج في عملية فهم القرآن هو تحقيق" رؤية حركة فكرية عربية، تواكب مختلف الخطابات الإسلامية التي تسعى لشرح القرآن وبيان وظائفه ودلالاته، حتى يتسنى ضمان التحكم في فهم القرآن الذي تضاعف استهلاكه إيديولوجيا دون الأخذ بعين الاعتبار ما يطرحه التفكير الحر والنقدي من مشاكل معاصرة، ليس بالنسبة للمسلمين فقط، بل بالنسبة لكل فكر منشغل بتجديد فهمنا للظاهرة الدينية"[42].
وليس يقدِّم محمد أركون منهجا واضحا لقراءة القرآن الكريم من خلال اللسانيات، وغايةُ ما اقترح في هذا المضمار أن يطرح" المنطقُ اللغوي في فهم النصوص، وترك علوم للسان العربي للبحث في بنية الكلام القرآني"[43]، ثم إنَّ محمد أركون دعا في سبيله لالتماس منهج جديد لفهم القرآن الكريم – إلى إعادة النظر في التراث التفسيري المتراكم، و عدم التعويل فقط على التفاسير التقليدية منوها بالتراث التفسيري الباطني، داعيا إلى الاستفادة منه.[44]
وعندما حاول محمد أركون تطبيق المنهج الألسني المقترح في تفسير بعض آي القرآن الكريم، لم يستقم له ذلك، إذ رام سنة 1974م " قراءة سورة الفاتحة" ، وأعاد الكرة سنة 1980م في " قراءة سورة الكهف"، حيث حشر في قراءته لهذه السورة ركاما من أقوال لفيف من المستشرقين كبلاشير ووانسبروغ وكوريان وهيكل وماسنيون، مما لا تعلق له بفهم آياتها، وأدرج ضمن ذلك نصوصا من تفسير الطبري والفخر الرازي مقطوعة من سياقها[45].
2/ المنهاج العقلاني: يتبنى هذا المنهاج مسارا فكريا تمثله مدرسةٌ تسعى" إلى التوفيق بين نصوص الشرع وبين الحضارة الغربية والفكر الغربي المعاصر، وذلك بتطويع النصوص وتأويلها تأويلا جديدا يتلاءم مع المفاهيم المستقرة لدى الغربيين، ومع انفجار المعلومات والاكتشافات الصناعية الهائلة في هذا العصر، وتتفاوت رموز تلك المدرسة تفاوتا كبيرا في موقفها من النص الشرعي، ولكنها تشترك في الإسراف في تأويل النصوص، سواء كانت نصوص العقيدة، أم نصوص الأحكام، أم الأخبار المحضة، وفي رد ما يستعصي من تلك النصوص على التأويل"[46].
و يهدف هذا المنهاج الأدواتي في القراءة الحديدة للقرآن الكريم إلى رفع عائق الغيبية أي زحزحة الوحي عن مكانته باعتباره مصدرا للمعرفة، ويتم ذلك عن طريق التعامل مع الآيات بكل ما توفره النظريات والفلسفات الحديثة، ويكون ذلك بواسطة نقد علوم القرآن، والتوسل بالمناهج المقررة في علوم الأديان بالغرب، وإعطاء العقل سلطة مطلقة في إخضاع الآيات للنقد.[47]
ولقد تولى د/محمد عابد الجابري في المغرب كِبْر هذا الاتجاه العقلاني في قراءة النص القرآني، وذلك منذ أن شرع يدعو في كتبه إلى استعمال " العقلانية" و" الروح النقدية" في التعامل مع التراث العربي[48].
" ويبرز هذا المنحى العقلاني ..بقراءته النقدية لمختلف الروايات والمصادر التاريخية إضافة إلى تبني
منهج علمي موضوعي يقارب النص بعيدا عن ظلال الانتماء العقدي"[49].
ولقد عدَّ الجابريُّ عملية فهم القرآن الكريم أمرا ضروريا واردا في كلِّ زمان، وأن ذلك يستلزم اكتساب معرفة جديدة لتجديد فهم النص القرآني، فقال مبينا ذلك:" ... فهْمُ القرآن مهمة مطروحة في كل وقت ومطلوبة في كل زمان، وقد يكفي التذكير بأنَّ اقتناعنا بأن القرآن يخاطب أهل كل زمان ومكان، يفرض علينا اكتساب فهْم متجدِّد للقرآن بتجدد الأحوال في كل عصر"[50].
وبين الجابري كيف يجب أن يكون فهم القرآن الكريم قائلا:" :"...لقد كنَّا نطمح إلى أن نوضح كيف أنَّ فهم القرآن ليس هو مجرد نظر في نصٍّ مُلئت هوامشه وحواشيه بما لايحصى من التفسيرات والتأويلات، بل هو أيضا فصْل هذا النص عن تلك الهوامش والحواشي، ليس من أجل الإلقاء بها في سلة المهملات، بل من أجل ربطها بزمانها ومكانها، كي يتأتى لنا الوصل بيننا نحن في عصرنا، وبين النص نفسه كما هو في أصالته الدائمة"[51].
ولذلك سعى الجابريُّ في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم – الذي هو تمهيد لتفسيره - إلى طرح نظرات عقلانية نقدية لقصة كتابة المصحف الشريف[52]، معتمدا منهج الشك في المسلَّمات التي أجمع عليها الأقدمون في علوم القرآن، رافضا كل خبر – كخبر انشقاق القمر وخبير الإسراء والمعراج الواردين في القرآن الكريم - له بُعدٌ غيبي ذي حمولة إعجازية[53]، موظفا التأويل الذي ينسجم مع المنهاج العقلي الذي ارتضاه لفهم آي الذكر الحكيم، مخترعا ترتيبا جديدا لفهم السور وفق زمن نزولها[54].
3/ المنهاج المادي: أو التاريخي، أو ما يحلو لبعضهم أن ينعته بـ: التاريخانية وهو:" مذهب يقرر أنَّ القوانين الاجتماعية تتَّصف بالنِّسبة التاريخية، وأنَّ القانونَ من نتاج العقل الجمعي، وتعمم ذلك على الشرائع الإلهية أيضا"[55]، وإذا أُخذ بهذا الأساس المرجعي منهاجا لتفسير النصوص الدينية، كان معنى ذلك أن تكون هذه النصوص رهينة تاريخها إذ " لا يمكن فصل أي نص عن تاريخه"[56]، ولقد طبق هذا المنهاج في قراءة القرآن الكريم محمد أركون[57] وعبد الله العروي الذي سنخُصُّه هنا بوقفة.
يهدف المشروعُ الفكري الذي يدعو إليه عبد الله العروي – كما يقول الجابري-" إلى إمداد المجتمع العربي بمفاهيم النفعية والليبرالية والتاريخانية وجعلها تتركز وتسود على غيرها من المفاهيم"[58].
فعبد الله العروي متشبع بالفكر الماركسي الذي يعُدُّه" أفضلَ مدرسة للفكر التاريخي يجدها العرب اليوم"[59] لأنه ينبغي على " إسلام ما بعد الغزو الاستعماري ...أن يغير نظرته إلى نفسه[60]".
ولقد ظهرت أمارات هذا الفكر المادي التاريخاني في موقف العروي من عملية الفهم للقرآن الكريم، وذلك من خلال ما يأتي:
1/ تعريف القرآن الكريم: عرَّف العروي القرآن الكريم بتعريف يطابق منهجه الموظَّف من أجل فهمه، فقال:" ...إذا انطلقنا من النص[61] من مجموعة أوامر أسماء وحدود بقينا باستمرار في نطاقه".[62]
2/ منهج فهم القرآن الكريم عند العروي: يشرح النص السابق الذي نقلناه عن العروي، معنى فهم النص القرآني عند المنوه به هنا، إذ فيه:" ...إذا انطلقنا من النص من مجموعة أوامر أسماء وحدود بقينا باستمرار في نطاقه، عقلُ النص هو بيانه أو فقهه أو علمه أو عَقده، هذه مفاهيم مرتبطة بعضها ببعض في الفهم وفي اللغة[63]" ففهْمُ القرآن الكريم عند العروي عقله، لكن لماذا نطالب بإعادة عقل القرآن في هذا العصر؟؟.
3/ مبررات فهم القرآن الكريم عند العروي: يدلي عبد الله العروي بمبرريْن اثنيْن حامليْن على ممارسة الفهم لكتاب الله هما:
أولا: غموض الظاهرة القرآنية وتعقيدها: يقول العروي واصفا حال العرب اليومَ:"...وإن كان وضعُ العرب لا يزال غامضا، فظاهرةُ القرآن أكثر غموضا"[64].
ويقول العروي أيضا في سياق آخر:"...تعاقبُ الأيام لا يزيد كلام الله إلا تعقيدا وغموضا...[65]".
ثانيا: ضرورة قراءة القرآن الكريم منفصلا عن التفاسير المسبقة والضوابط المنهجية المقررة عند أهل هذا الشأن:يقول العروي في هذا السياق:" لقد قرأنا الكتاب[66] قراءة برئية غير متحفظة، متوقفين عند الأمارات الدَّالة، دون اعتبارٍ لما قد تسفر عنه الدراسات الجارية، أكانت تخص اللغة أو البلاغة أو المعاني أو الأحكام، وما فعلناه مع النص المؤسِّس، لماذا لا نفعل مثله مع ما نسميه السنة، أي الإسلام كما تجسد وتطور في التاريخ، بناءً على وضعنا الحالي وانطلاقا من معارفنا وحاجاتنا من معتقداتنا وتطلعاتنا..."[67].
ولسنا نقف بعدُ في أعمال العروي على محاولة تفسيرية تتناول آي الذكر الحكيم، ليبقى ما قعَّده نظريةً مؤجَّلةً تنتظر قارئا قد يجود به الزمان أوْ لا يجود؟!!.
المطلب الثاني: فهم السنة النبوية على ضوء مناهج البحث في علوم العصر.
لعل أظهر المناهج الحديثة توظيفا في فهم السنة النبوية من قِبل الحداثيين المعاصرين هو المنهج العقلاني الذي استعان في هذا المضمار بالعقل المجرد للوصول إلى غرضين اثنين:
الأول: التشكيك في صحَّة السنة النبوية، وزعزعة ثقة المسلمين بها.
الثاني: ردُّ الحديث لشبهة عارضة أثناء عملية فهمه.
ولقد بالغ الحداثيون بالاحتفاء بالمنهاج العقلي في ردِّ وفهم السنة النبوية حتى إن بعضهم ليُنوِّه بالعقل في إهدائه للكتاب المؤلَّف لهذه الغاية.[68]
وكان الحامل للتيار الحداثي على توظيف المنهاج العقلي في ردِّ وفهم السنة النبوية، ما قد أوضحه سامر إسلامبولي في مقدمة كتابه:"تحرير العقل من النقل وقراءة نقدية لمجموعة من أحاديث البخاري ومسلم" عندما قال:"...والذي يجب أن نعرفه أولا ونبدأ منه الحوار، أنَّ العقل موجود في الواقع قبل النقل، فالنقل نتاج لتفاعل العقل مع الواقع، مما يؤكد هيمنة العقل وسيادته على النقل...[69]".
ووظيفة العقل عند هؤلاء العقلانيين بالنسبة للحديث النبوي، هي القيام" بعملية الفرز"، وذلك - كما يقول سامر إسلامبولي-:" حسب الأدوات المعرفية الجديدة فيحتفظ بالصواب، ويستبعد الخطأ".[70]
وعملية الفرز للتراث حسب سامر تقوم على "استبعاد الأوهام والأخطاء، وطرح القداسة عن أي شيء في التراث لا على صعيد الأصول والفروع ولا سائر العلوم، "فكل شيء يخضع لعملية الفرز، وما قام عليه البرهان أنه صواب يستمر بالتواصل، ويبقى كتاب الله ثابتا مستمرا..[71] ".
ومن مظاهر رد الحداثيين للسنة النبوية باستعمال المنهج العقلي: طعنهم في كتب السنة المعتمدة: كالصحيحين:فالأحاديث التي فيهما حسب الجابري" إنما هي صحيحة بالنسبة للشروط التي وضعها أصحابها لقبول الحديث، الحديث الصحيح ليس صحيحا في نفسه بالضرورة... وإنما هو صحيح بمعنى أنه يستوفي الشروط التي اشترطها جامع الحديث كالبخاري ومسلم[72]".
ويدفع محمد شحرور في صدر الصحيحين قائلا:" "يقولون: صحيح مسلم وصحيح البخاري!، ويقولون: إنهما أصحالكتب بعد كتاب الله!، ونقول نحن: هذه إحدى أكبر المغالطات التي ما زالتالمؤسسات الدِّينيَّة تُكره الناس على التسليم بها تحت طائلة التكفيروالنفي، فالصحة في كتاب الله صحة حقيقية لغوية واقعية، يؤيدها العلم، ويثبتها الكون المشهود، أما الصحة في كتب الحديث فصحةٌ مجازية اصطلاحية تواضع أهل المؤسسة الدينية أنفسهم على تسميتها أي أنها تحمل الطابع الذاتي، صحة نسبية إن ثبتت عند أحدهم نفاها الآخر...فإذا تجرأ أحدٌ كما نفعل نحن الآن وأشار إلى تناقض أو خطأ في حديث آحاد كشفه له العلم القطعي، اتهموه بالعمالة وبمحاولة القضاء على الإسلام عن طريق تهديم السنة النبوية بالطعن في الحديث كوحي ثان يمثل السنة". [73]
ويشكِّك محمد أركون في منهج ثبوت ما في الصحيحين وبقية كتب الحديث التي قد يطلق عليها الصحاح، بزعمه أنَّ الحديث قد" تعرض لعملية الانتقاء والاختيار، والحذف التعسفية التي فُرضت في ظلِّ الأمويين وأوائل العباسيين، أثناء تشكيل المجوعات النَّصية(يعني كتب الحديث)المدعوَّة بالصحيحة، لقد حدثت عملية الانتقاء والتصفية هذه لأسبابٍ لغوية وأدبية وثيولوجية وتاريخية"[74].
ويدعو أركون موظِّفا المنهح التاريخي- إلى ضرورة حصول نقد ومراجعة لما دوِّن في كتب الحديث جميعا، فيقول:"...ولكن لم تحصل حتى اليوم مراجعة شاملة لكل مجموعات الحديث باستثناء المماحكات التقليدية التي جرت بين ممثلي الاتجاهات الثلاثة الكبرى في الإسلام، وهي لا تشكِّل دراسة علمية حول الموضوع...و إذا حصلت هذه المراجعة الشاملة استطعنا أن نطرح مشكلة التراث الإسلامي الكلي من وجهة نظر تاريخية أساسا[75]".
ويقفُو أثرَ أركون تلميذه المخلص لأفكاره عبد المجيد الشرفي عندما يقول:"...ما زلنا ننتظر البحوث المجراة على قواعد علمية صارمة انطلاقا من كون الحديث في الصورة التي دوِّن فيها ليس تسجيلا أمينا لأقوال النبي وأفعاله أو إقراراته، وما كان يمكن له أن يكون كذلك، وإنما تمثلٌ موجَّه بالضرورة وغير بريء البتة لعدد محدود من تلك الأقوال والأفعال[76]".
ومن أمثلة ما ردَّه التيار الحداثي المعاصر من حديث أثناء عملية الفهم مستظهِرا بالمنهاج العقلي الموظَّف في كثير من العلوم الحديثة اليوم:
1/ حديث:" من بدل دينه فاقتلوه"، يقول جمال البنا معلقا على هذا الحديث:" نقول كيف يستقيم هذا الحديث مع خمسين آية على الأقل من آيات القرآن تقرر حرية المعتقد...كيف يستقيم هذا الحديث مع الآيات المؤكدة:" لا إكراه في الدين"، كيف يمكن أن يتفق الحديث مع" أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟؟".[77]
2/ حديث:" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ.."، يقول الجابري معلقا على هذا الحديث:"نقرأ في البخاري ومسلم أنَّ رسول الله قال:بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء" ثم يذكر حديثا بمعنى هذا الحديث في مسند الإمام أحمد ، ثم يقول: في البخاري أن الرسول قال: خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"، ثم يذكر بقية الحديث، ثم يقول:" من السهل أن يشكك الإنسان في صحة مثل هذه الأحاديث الثلاث التي تُشم فيها بوضوح رائحة السياسة، وبالنسبة لي شخصيا، إنَّ مثل هذه الأحاديث يجب وضعها بين قوسين أعني تجنب أخذها بعين الاعتبار"، ويعلل الجابري دعوته هذه قائلا:"فالاتجاه القرآني غير هذا، واتجاهها هي غيره، و مع ذلك فثمَّت حقيقة لا ينبغي إغفالُها، وهي أنَّ هذه الأحاديث تعبِّر عن حالة الإحباط التي أصابت المسلمين بعد ما عانُوه من الفتنة الكبرى".[78]
المبحث الثالث: تقويم مناهج الحداثيين في فهم النص الديني، وبيان آثار تبني الطرح الحداثي في الفهم.
كان لتبني الحداثيين منهجا معينا في فهم النص الديني الإسلامي قرآنا وسنة على ضوء معارف العصر وعلومه الحديثة، آثارٌ في مجالات تقديم الفكر الإسلامي الحديث في الجامعات والمنتديات العلمية، وعلى صفحات كثير من الكتب التي تقذفها المطابع كل يوم.
ومن أجل بيان هذه الآثار، لابد من تقويم مناهج الطرح الحداثي في عملية الفهم لما يسميه تراثا وهو يقصد القرآن الكريم، والسنة النبوية المشرفة.
فمن معالم النظرة التقويمية لهذا الطرح الحداثي:
1/ نزع القداسة عن الأصليْن العظيمين القرآن والسنة: سعى التيار الحداثي المعاصر في فهمه الجديد للأصول الإسلامية المعتبرة إلى عدِّ القرآن والحديث كلاما من الكلام يمكن دراسته ونقده، وبيان قيمته علوا وهبوطا من غير وجل ولا خوف، وهذا أمرٌ متفق عليه بين أصحاب هذا التيار فـ" النص القرآني مثلا - عند نصر حامد أبي زيد- نص لغوي لا تمنع طبيعته الإلهية أن يدرس ويحلل بمنهج بشري، وإلا تحول إلى نص مستغلق على فهم الإنسان العادي مقصد الوحي وغايته"[79]، والسنة" هذا الأصل – حسب عبد المجيد الشرفي – لم يعد يحتل نفس المنزلة التي كانت له عند الأجيال القريبة من عهد النبوة، وأنَّ الشعور السائد أنه يعسر مواجهة مشاكل التشريع في المجتمعات العصرية بالرجوع إليه"[80].
2/ تجاوز المناهج الأصيلة في فهم الكتاب والسنة: يكاد يجمع أصحاب التيار الحداثي في تناول ظاهرة فهم النص الديني الإسلامي على أنه ينبغي تجاوز المناهج القديمة الضابطة لعملية الفهم ، ذلك لأن معارفنا – كما يقول محمد أركون – التقليدية غير دقيقة[81]، ويجب على هذا الأساس - كما يقول د/ عبد المجيد الشرفي – " التعامل المباشر مع النص القرآني[82]".
3/ توظيف معارف العصر وعلومه في الفهم للنص الديني: لقد آمن الفكر الحداثي المعاصر بوجوب توظيف العلوم الحديثة التي توصل إليها الإنسان المعاصر في مجالات مختلفة من المعرفة في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، واستقر رأيه على " أنَّ مِنْ أولى مهام المثقَّف والباحث الداعي إلى التنوير، التوفرُ على نقد الفكر الديني، بإخضاعه إلى الأساليب والمناهج العلمية في الدرس والتحليل[83]".
ويغلو هذا التيار في توظيف ما أحدثته الثورة المعرفية في علوم الطبيعة وعلوم الإنسان في هذا العصر – في عملية الفهم، مخافةَ أن ينقلب الدين – كما يقول عبد المجيد الشرفي- إلى إيديولوجيا، فيصبح أداة للنضال السياسي والاجتماعي، ويفقد بذلك قدرته التفسيرية وبعده الروحي المميز[84]".
ولا يكاد يعترف التيار الحداثي بجهد معاصرٍ في تفسير القرآن الكريم، ولا في شرح الحديث النبوي الشريف ما لم يكن فيه أجوبة عن" المشاغل المعرفية – كما يقول عبد المجيد الشرفي- التي تثيرها الفلسفات والعلوم الإنسانية الحديثة وتقتضيها عقلية العصر[85]".
4/ظهور تصور ومفهوم جديديْن للقرآن والسنة:اخترع التيار الحداثي المتعامل مع النص الإسلامي قرآنا وسنة مفاهيم جديدة للأصلين الكريمين، فالقرآن كما يراه تيار الحداثة" نتاج تجربة فردية قام بها محمد في إطار زمن ومكان محدديْن، أدى فيه التاريخ دورا مهما في توجيه فكر الفرد- المقصود هنا النبي- واللغة المعبرة بها عن ذلك بالتاريخ"،[86] وأما السنة فهي" اجتهاد النبي في تطبيق أحكام الكتاب من حدود وعبادات " أو هي كما يقول العروي" الإسلام كما تجسد وتطور في التاريخ"[87].
5/ نسبية الأحكام التشريعية وعدم لزومها في العصر الحديث: أثمر استبدال التيار الحداثي مفهوم الأصليْن بمفهوم جديد- ظهورَ عدة تصورات لما يجب أن يكون عليه موقف المسلم المعاصر من الشريعة اليوم، فمن ذلك:
أ/ الدعوة إلى فهم الأحكام التشريعية في ضوء أسبابها التاريخية وظروف تقنينها وفرضها: إذ من الواضح كما يقول- الصادق بلعيد- " أن فهم الأحكام القرآنية مرتبط بمعرفة الظروف التي نزلت في شأنها، وبذلك فإن تحديد مدى تلك الأحكام مقيد بمقتضيات تلك الحوادث، فلا يجوز أن تؤخذ تلك الأحكام بمعزل عن الحادثة التي جاءت فيها...لايجوز أن تحمل الأحكام القرآنية بصفة آلية على الإطلاق وعلى التعميم كما كان يفعله الفقهاء القدامى، فالارتباط الوثيق بين الحكم وسببه يحمل بالعكس على نسبية ذلك الحكم".[88]
ومن الأمثلة التوضيحية التي تحصر الحكم القرآني في ظرفيته التاريخية، ما قد ذكره عبد المجيد الشرفي عند التعرض لحد السرقة عندما قال:" لاجدال في أن قطع يد السارق هو من الممارسات التي كانت معروفة قبل الإسلام، ومن الطبيعي أن تكون عقوبة السرقة شديدة في ظروف المجتمع البدوي، وفي إطار اقتصاد الكفاف عموما، إذ إنها قد تؤدي إلى هلاك من يُسرق منه ماله، وربما كانت هذه العقوبة الشديدة الوسيلة الوحيدة للمحافظة على قدر أدنى من النظام في غياب سلطة سياسية يمتد نفوذها إلى سائر أفراد المجتمع....فكان ما نصَّ عليه القرآن منسجما تمام الانسجام مع مقتضيات الظرف، ولكنه لا يعني غلق الباب في وجه أشكال أخرى من العقاب متى تطورت المجتمعات وبرزت فيها قيم أكثر تناغما مع هذا التطور...[89]".
ب/ ادعاء عدم اكتمال التشريع في القرآن الكريم: وعَدُّ ذلك من " المجازفة [90]" لأنَّ" التفحص في
النص القرآني – حسب الصادق بلعيد- وفي أسباب نزول الآيات المذكورة[91] يدلُّ على أنَّ هذه المقولة إنما هي مغالاةٌ في الاستنتاج والاستخراج وإثقال غير مشروع للآيات المذكورة ولمقاصدها الحقيقية...وكيف يكون ذلك، وكيف يقبل العقل المقولة التقليدية باكتمال الت
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

" الفهم الحداثي للنص الديني بين دعاوى الاجتهاد المنضبط والتَّجديد المتفِّلت"  Empty تتمة الموضوع القيم

مُساهمة من طرف أبوأسامة مبارك الجمعة نوفمبر 09, 2012 7:06 am

ب/ ادعاء عدم اكتمال التشريع في القرآن الكريم: وعَدُّ ذلك من " المجازفة [90]" لأنَّ" التفحص في
النص القرآني – حسب الصادق بلعيد- وفي أسباب نزول الآيات المذكورة[91] يدلُّ على أنَّ هذه المقولة إنما هي مغالاةٌ في الاستنتاج والاستخراج وإثقال غير مشروع للآيات المذكورة ولمقاصدها الحقيقية...وكيف يكون ذلك، وكيف يقبل العقل المقولة التقليدية باكتمال التشريع الإسلامي في القرآن الكريم، وفي الآيات الحُكمية منه بالذات، والحال أن هذه الآيات قليلة بصفة مرموقة؟؟ [92]".
6/ الدعوة إلى التفريق بين نصوص الوحي المقروءة وبين نصوص الوحي المدونة أثناء ممارسة عملية الفهم: إذ رأى التيارُ الحداثي أنَّ ذلك مؤثِّر في عملية الفهم، فالقرآن يجب أنْ" ننظر إليه بكونه في البداية وفي الأساس خطابا شفهيا انتقل إلى نصٍّ مكتوب، فتتغيرُ الآلياتُ للفهم والتفسير بتغير شكْل الخطاب نفسه"[93].
الخاتمة
أحْدثَ اطلاع الباحثين العرب المعاصرين على علوم ومعارف الغرب، شرْخا في الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة، إذ تميز فريقان إثر هذا الإطلاع: فريق رأى تحت وطأة الصدمة أنْ لا مفرَّ من توظيف مناهج هذه العلوم الغربية الحديثة في فهم النص الديني الإسلامي قرآنا وسنة، ولو كانت نتائج ذلك التوظيف على حساب الضوابط المنهجية التي أفنى القدامى أعمارهم في تقعيدها واستنباطها من أصول معتبرة صحيحة، وفريقٌ رأى أنْ لا مفرَّ من توظيف العلوم الحديثة في فهم الأصليْن النَّيِّرين مع مراعاة خصوصية المنهج والطريقة، ومراعاة عدم التفريط في الثوابت الدينية.
لقد كانت هذه الدراسة بحثا أراد به صاحبُه الوقوف على الأسباب الحاملة لشرذمة من الحداثيين المعاصرين على الأخذ بمناهج علوم العصر ومعارفه أثناء ممارسة عملية الفهم للقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.
كما كانت هذه الدراسةُ في مبحثها الثاني تعريفا ببعض مناهج العلوم العصرية التي سلك سبيلها،كثيرٌ من الحداثيين المعاصرين من دعاة الاجتهاد والتجديد في العصر الحديث.
وكان المبحث الثالث من هذه الدراسة تقويما لمناهج علوم ومعارف العصر الموظًَّفة من قِبل دُعاة الحداثة والتجديد من أجل قراءة النصين الكريمين: القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
ولقد أسفرت هذه الدراسة عن النتائج الآتية:
أولا: أصبح منهج فهم النص الديني الإسلامي لدى التيار الحداثي المعاصر منْفلتا من الضوابط المنهجية الإسلامية الخاصة بتفسير القرآن الكريم وشرح حديث النبي التي أُلِّفت فيها كتبٌ، وذهبت فيها أنفس، واستُبدلت تلك الضوابط بمنهج للفهم دُعي:" الهرمنوطيقيا " وهو منهج غربي قديم، اخترع من أجل فهم وتقريب نصوص الكتاب المقدس التي واجهت مشكلات عويصة من أجل فهمها لدى المسيحي " أما التفسير الإسلامي فقد جاء للتعمق والتوضيح في النص القرآني، ولا يزال باستمرار يكتشف آفاقا من المعرفة[94]".
ثانيا: لقد حاول الحداثيون بمختلف مشاريعهم الفكرية المقترحة من أجل فهم النص الديني أن يضعوا رؤى وتصورات منهجية لفهم الأصليْن العظيميْن، بيْد أنَّ مشاريعهم للفهم لم تساندها أمثلة تطبيقية بالكثْرة التي تبْعثُ على القول بأنَّ مشاريعهم النظرية ناجحة.
ثالثا: كانت قراءات الحداثيين للنص الديني مجافية للضوابط العلمية المجردة، إذ " تتبنى موقفا نقديا أو هدميا من التراث التفسيري ومن مختلف مباحث علوم القرآن، ومن علوم اللسان العربي، لكنها في هذا النقد لا تلتزم بضوابط علمية مقررة، بل تؤسِّس هذا النقد على افتراضات مخطئة يتمُّ الإلحاح والحرص عليها"[95]، وقل الأمر مثله بالنسبة لقراءة التيار الحداثي للسنة النبوية.
رابعا: أخطأت هذه المحاولات العربية الحداثية من أجل فهم النص الديني العصرَ والبيئةَ، " أما تخلفها عن العصر فيرجع إلى كون الدعوة إلى قراءة القرآن- مثلا- عند المنتمين إلى العالم العربي تبنت لحظةَ انطلاقها في السبعينيات المنهجَ البنيوي الذي أفل بفرنسا خلال عقد الستينيات، ولا زال كثيرٌ من دُعاة القراءة حتى اليومَ متوقفين عند هذه المرحلة رغم أن الغربيين والفرنسيين على الخصوص تجاوزوا مرحلة البنيوية وما بعد البنيوية[96]"، وأماَّ كون هذه المحاولات غريبة عن البيئة التي نُقلت إليها فيظهر في أمرين: الأول: جانب الأصول النظرية التي ترجع إلى فلسفة الأنوار بفرنسا خلال القرن الثامن عشر الميلادي، الأمر الثاني: جانب المصطلحات والأدوات التي تتوسل بها التي منها مصطلح الإنسية Lhumanisme المرتبط بالتراث الديني الغربي، وغيره من المصطلحات الغربية النشأة والبيئة، والمرتبطة بخلفيات مذهبية محددة[97].
وبعدُ فإنه لابد من خطة علمية مدروسة لمواجهة الزحف الحداثي الذي نصبَ نفسه مجتهدا مجدِّدا لضوابط فهْم الأصليْن العظيميْن القرآن والسنة، ومن معالم ذلك:
1/ عرضُ مشاريع التيار الحداثي التي يدور موضوعها حول الفهم الحداثي للنص الديني، ومحاولة الوصول إلى الأسس المرجعية لهذه المشاريع، ومناقشتها بمنهج علمي، لبيان عُوارها واستحالة تنزيلها على الأصول الإسلامية لأمةٍ عندها من مناهج تفسير وشرح النصوص الدينية ما يكفيها ويغنيها ويبْلُغُ بها إلى المعنى الصحيح، والحكم السليم، والمراد المقصود للشارع الحكيم.
2/ عرضُ هذه المشاريع الحداثية في مقرَّرات ومناهج التعليم الجامعي على الطلبة، وعدم التَّحفظ عن ذلك، لأنَّ عرضها بالمنهجية التيِّ سبق التنبيه عليها، يساعد الطالب على التجافي عنها، والبِدار إلى نقدها، واستهجانها منهجًا لفهم النصوص الإسلامية، وفي اليوم الذي نأى الدرسُ الشرعيُّ الجامعيُّ عن مثل هذه المشاريع، وتحاشى التعريج عليها، ولفْت النظر إليها ، مكتفيا بما عنده من ضوابط وقواعد، فاجأنا الطلبةُ بمشاريع هؤلاء الحداثيين معروضةً في استشكالات يبرزونها أسئلةً موجهةً إلى الأستاذ المحاضر الذي لعله يكون لم يطلع على تلك المشاريع، ولا حام حول حماها.
3/ لقد تسللت هذه المشاريع الحداثية لفهم الكتاب والسنة إلى منابر الإعلام من خلال صحافة ثقافية، أو برامج حوارية، أو مواقع إلكترونية، وعَرضتْ سلعتها، ترجو متأثرين، وتبغي حاملا للمِشعل، ومنفعلا بالنظرية والمنهج، فلامفرَّ إذن من سلوك الطريق نفسه، لمن رامَ محاربةَ فكرٍ بفكر، وهدمَ نظريةٍ بنظرية، واستبدالَ مشروعٍ بمشروع.
وأحمدُ اللهَ تعالى في خِتام هذه الدراسة على حُسن التوفيق، والهداية إلى الكتابة في هذا الموضوع الذي تكثُر فائدتُه، وتغزُر عائدُته، وصلَّى الله وسلَّم على الهادي البشير، والنَّبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمدُ لله ربِّ العالمين.

مراجع الدراسة
- أحاديث تناقض القرآن...إذن تستبعدجمال البنا موقع جريدة المصري اليوم ص13 بتاريخ 20/06/2006م.
- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول الشوكاني دار الفكر بيروت بلا تاريخ.
- أزمة المثقفين تجاه الإسلام في العصر الحديث د/ محسن عبد الحميدمكتبة أسامة بن زيد الرباط الطبعة الأولى 1405هـ -1985م.
- أزمة المثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية د / عبد الله العروي ترجمة ذوقان قرقوط المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت الطبعة الأولى 1978م.
- الاتجاه العلماني المعاصر في علوم القرآن دراسة ونقد د/ أحمد محمد الفاضل 2008م الطبعة الأولى سوريا دمشق مركز الناقد الثقافي.
- الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر د/ محمد محمد حسينمؤسسة الرسالة بيروت الطبعة السادسة 1403هـ- 1983م.
- الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد الشام د/ محمد عبد الرزاق أسود دار الكلم الطيب الطبعة الأولى 1429هـ - 2008م.
- الاجتهاد والتجديد في الفكر المعاصر وفيها: أولويات أمام الاجتهاد والتجديد منير شفيق مركز دراسات العالم الإسلامي سلسلة الفكر الإسلامي المعاصر 2 الطبعة الثانية 1991م.
- الأسس المنهجية للقراءة الحداثية للنص القرآني محاولة في التفكيك والتأسيس فؤاد بوعلي منشور على موقع مجلة التسامح www.altasamoh.net التي تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في سلطنة عمان العدد 24 خريف 1429هـ /2008م.
- الإسلام والحضارة الغربية د/ محمد محمد حسين مؤسسة الرسالة بيروت الطبعة الثامنة 1406هـ -1986م.
- الإسلام أصالة ومعاصرة د/ محمد أركونترجمة خليل أحمد.
- الإسلام والحداثة د/ عبد المجيد الشرفي الدار التونسية للنشر الطبعة الثانية 1991م.
- الإسلام بين الرسالة والتاريخ د/ عبد المجيد الشرفي دار الطليعة بيروت 2001م.
- إشكاليات الفكر العربي المعاصر محمد عابد الجابري بلا تاريخ طبع الدار البيضاء المركز الثقافي العربي.
- الإيديولوجيا العربية المعاصرة د / عبد الله العروي المركز الثقافي العربي بيروت الدار البيضاء الطبعة الأولى 1995م.
- تاريخية الفكر العربي الإسلامي محمد أركون ترجمة هاشم صالح مركز الإنماء القومي بيروت1986م وأيضا طبعة المركز الثقافي العربي الدار البيضاء الطبعة الثانية 1996م.
- تحرير العقل من النقل سامر إسلامبولي الأوائل سورية دمشق بلا تاريخ.
- جدل الأصول والواقع لحمادي ذؤيب دار المدار الإسلامي الطبعة الأولى 2009م.
- جناية البخاري زكريا أوزونرياض الريس بيروت الطبعة الأولى 2004م.
- الحداثة عبر التاريخ مدخل إلى نظرية حنا عبود منشورات اتحاد الكتاب العرب 1989م.
- الحداثة من منظور إيماني د/ عدنان علي رضا النحوي دار النحوي للنشر والتوزيع الرياض الطبعة الرابعة 1414هـ -1993م.
- الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة والقرآن الكريم دراسة نقدية د/ الجيلاني مفتاح دار النهضة سوريا الطبعة الأولى 1427هـ.
- روح الحداثة د/ طه عبد الرحمن الطبعة الأولى 2005م المغرب الدار البيضاء المركز الثقافي العربي.
- رؤية نقدية لكتاب السنة والإصلاح للدكتور عبد الله العرويعبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام دار الأمان الرباط الطبعة الأولى 1431هـ - 2010م.
- السنة والإصلاح د / عبد الله العروي المركز الثقافي العربي الدار البيضاء الطبعة الأولى 2008م.
- الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي د/ محمد البهي دار المعارف المصرية الطبعة العاشرة 1991م.
- الفكر الإسلامي نقد واجتهاد محمد أركون ترجمة وتعليق هاشم صالح، دار الساقي بيروت الطبعة الثانية.
- الفكر العربي في عصر النهضة ألبرت الحوراني ترجمة كريم عزقول دار النهار للنشر بيروت بلا تاريخ.
- فهم القرآن الحكيم التفسير الواضح حسب ترتيب النزول محمد عابد الجابري 2009م بيروت لبنان مركز دراسات الوحدة العربية.
- في قضايا الدِّين والفكر محمَّد عابد الجابري مجلة فكر ونقد المغرب، السنة الأولى، العدد 9، ماي 1998م.
- في حاجة إلى الإصلاح محمد عابد الجابري المنشور في مجلة مواقف العدد32 ص33.
- القاموس المحيطالفيروزبادي دار الفكر بيروت 1995م.
- القرآن والتشريع...قراءة جديدة في آيات الأحكام الصادق بلعيد مركز النشر الجامعي تونس 1999م.
- القرآن الكريم ومناهج تحليل الخطاب د/ عبد الرزاق هرماس جامعة قطر حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية العدد التاسع عشر 1422هـ.
- القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير د/ محمد محمود كالو دار اليمان سوريا الطبعة الأولى 1430هـ- 2009م.
- قضية قراءة النص القرآنيد/ عبد الرزاق هرماس بحث مرقونٌ لم يطبع بعدُ.
- لسان العربابن منظور دار صادر بيروت بلا تاريخ.
- المثقفون العرب والغرب هشام شرابي دار النهار للنشر بيروت 1981م.
- العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب محمد حامد الناصر مكتبة الكوثر الطبعة الأولى 1417هـ -1996م.
- محمد أركون والمنهج الألسني النقدي في دراسة الظاهرة القرآنية أحمد بوعود منشور على موقع الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي www.liberaldemocraticpartyofiraq.com
- مدخل إلى القرآن الكريم محمد عابد الجابري الطبعة الأولى 2006م لبنان بيروت مركز دراسات الوحدة العربية.
- مساهمة في النقد الإيديولوجي د/ محمد عابد الجابري ضمن كتاب محاورة فكر عبد الله العروي جمع وترتيب بسام الكردي المركز الثقافي العربي الدار البيضاء و بيروت.
- مستقبل الثقافة في مصر د/ طه حسين طبعة مصر.
- مفهوم العقل د / عبد الله العروي المركز الثقافي العربي الدار البيضاء بيروت الطبعة الثالثة 2001م.
- من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا د/ يوسف القرضاوي الدار البيضاء المغرب دار المعرفة 1996م.
- الممنوع والممتنع نقد الذات المفكرة علي حرب المركز الثقافي العربي بيروت الدار البيضاء الطبعة الأولى 1995م.
- نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي د / محمد شحرور الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2000م.
- النخبة والأيديولوجيا والحداثة د/ سعيد شبار دار الهادي بيروت الطبعة الأولى 1422هـ
2005م.
- النص الإسلامي في قراءات الفكر العربي المعاصر د/ سعيد شبار منشورات الفرقان المغرب الطبعة الأولى 1999م.
- النص القرآني أمام إشكاليات البنية والقراءةالطيب تيزيني دار الينابيع دمشق 1997م.
- نظرات في القراءة المعاصرة للقرآن الكريم في دول المغرب العربي د/ محمد بن زين العابدين رستم ، ورقة بحثية مقدمة للمؤتمر العلمي الدولي الأول عن:" القراءات المعاصرة للقرآن الكريم" المنعقد في كلية الآداب جامعة شعيب الدكالي الجديدة المغرب 15-17 جمادى الأولى 1432هـ وهو منشور في عدَّة مواقع منها على موقع ملتقى أهل التفسيرwww.tafsir.com
- نقد الخطاب الديني د/ نصر حامد أبو زيد دار سينا القاهرة الطبعة الثالثة 1994م.
- نقد النص علي حرب المركز الثقافي العربي الدار البيضاء الطبعة الأولى 1993م.
Arkoun Lecture du Coran Maisonneuve et larose Paris 1982.
[1]الفيروزبادي القاموس المحيط مادة حدث.
[2]د/ الجيلاني مفتاح الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة والقرآن الكريم ص21.
[3]د/ عبد المجيد الشرقي الإسلام والحداثة ص24.
[4]د/ عبد المجيد الشرقي الإسلام والحداثة ص25.
[5]المصدر السابق.
[6]حنا عبود الحداثة عبر التاريخ مدخل إلى نظرية ص57.
[7]د/ عدنان علي رضا النحوي الحداثة من منظور إيماني ص66 و67.
[8]د/ سعيد شبار النخبة والأيديولوجيا والحداثة ص 98.
[9]د/ سعيد شبار النص الإسلامي في قراءات الفكر العربي المعاصر ص13.
[10]ابن منظور لسان العرب 3/13 مادة جهد.
[11]الشوكاني نقلا عن الآمدي إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ص250.
[12]انظر هذه الشروط مفصلة عند الشوكاني إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول ص250-252.
[13]د/ محمد البهي الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص 52.
[14]د/ محمد البهي الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص 52 و53.
[15]د/ محمد البهي الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص 65.
[16]د/ محمد البهي الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص66 و67.
[17]د/ محمد البهي الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي ص39 – 51.
[18]د/ محمد محمد حسين الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر 1/254.
[19]د/ محمد محمد حسين الإسلام والحضارة الغربية ص17 و18.
[20] هشام شرابي المثقفون العرب والغرب ص100 وألبرت الحوراني الفكر العربي في عصر النهضة ص 75.
[21]كان من بين المحتَوين فكريا في فرنسا محمد أركون الذي ارتبط في فرنسا لأول قدومه عليها بالمستشرق Robert le Tourneau ثم احتُضن من قبل لويس غارديه الذي كان يشتغل في مشروع Humanisme musulman d hier et d aujourd'hui حيث انخرط أركون في هذا المشروع فسجل في معهد الدراسات الشرقية بجامعة باريس الرابعة أطروحة الدكتوراه بعنوان:" إسهام لدراسة الإنسية العربية خلال القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي: مسكويه فيلسوفا ومؤرخا" تحت إشراف مدير المعهد آنذاك شارل بيلا. انظر د/ عبد الرزاق هرماس قضية قراءة النص القرآني ص74.
[22]منير شفيق أولويات أمام الاجتهاد والتجديد في الاجتهاد والتجديد في الفكر المعاصر ص57 و58.
[23] انظر هذه الأقسام الثلاثة عند د/ يوسف القرضاوي من أجل صحوة راشدة تجدِّد الدينَ وتنهض بالدنيا ص50 و51.
[24] د/ طه حسين مستقبل الثقافة في مصر ص372.
[25]عبد المجيد الشرفي تلميذ مخلص لأركون ، ولذلك تراه يمدح محاولاته العميقة والجريئة التي يقوم بها للاستفادة من العلوم الإنسانية الحديثة في قراءة النصوص الدينية التأسيسية ؟!!انظر الإسلام والحداثة للشرفي ص86.
[26]د/ محسن عبد الحميد أزمة المثقفين تجاه الإسلام في العصر الحديث ص53 - 56.
[27]د/ الجيلاني مفتاح الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة والقرآن الكريم ص67.
[28]الطيب تيزيني النص القرآني أمام إشكاليات البنية والقراءة ص281.
[29] الصادق بلعيد القرآن والتشريع...قراءة جديدة في آيات الأحكام ص28.
[30]من تقديم د/ عبد المجيد الشرفي لكتاب جدل الأصول والواقع لحمادي ذؤيب ص8.
[31]من تقديم د/ عبد المجيد الشرفي لكتاب جدل الأصول والواقع لحمادي ذؤيب ص8 و9.
[32] د/ عبد الرزاق هرماس القرآن الكريم ومناهج تحليل الخطاب جامعة قطر حولية كلية الشريعة والقانون والدراسات الإسلامية العدد التاسع عشر 1422هـ ص 23.
[33]د/ محمد محمود كالو القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير ص83.
[34]انظر د/ محمد محمود كالو القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير ص84 و85 و د/ الجيلاني مفتاح الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة والقرآن الكريم ص126 وما بعدها من صفحات.
[35]د/ محمد أركون الإسلام أصالة ومعاصرةص29.
[36]علي حرب الممنوع والممتنع نقد الذات المفكرة ص 120.
[37]المصدر السابق.
[38]د/ محمد بن زين العابدين رستم نظرات في القراءة المعاصرة للقرآن الكريم في دول المغرب العربي منشور في عدة مواقع منها على موقع ملتقى التفسيرwww.tafsir.com
[39] د/ عبد الرزاق هرماس القرآن الكريم ومناهج تحليل الخطاب ص31.
[40] أحمد بوعود محمد أركون والمنهج الألسني النقدي في دراسة الظاهرة القرآنية منشور على موقع الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
[41]Arkoun Lecture du Coran PV.VI
[42]المصدر السابق.
[43]د/ عبد الرزاق هرماس القرآن الكريم ومناهج تحليل الخطاب ص34.
[44]Arkoun Lectures du Coran p 14-18-19
[45]د/ عبد الرزاق هرماس قضية قراءة النص القرآني ص108 هامش248.
[46]د/ محمد عبد الرزاق أسود الاتجاهات المعاصرة في دراسة السنة النبوية في مصر وبلاد الشام ص464.
[47] د/ طه عبد الرحمن روح الحداثة ص183.
[48] انظر مثلا محمد عابد الجابري إشكاليات الفكر العربي المعاصر ص31 و35.
[49] فؤاد بوعلي الأسس المنهجية للقراءة الحداثية للنص القرآني محاولة في التفكيك والتأسيس منشور على موقع مجلة التسامح www.altasamoh.net التي تصدر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في سلطنة عمان العدد 24 خريف 1429هـ /2008م.
[50] د/ محمد عابد الجابري مقدمة القسم الأول من فهم القرآن ص6.
[51] د/ محمد عابد الجابري مقدمة القسم الأول من فهم القرآن ص7.
[52]د/ محمد عابد الجابري مدخل إلى القرآن الكريم ص217.
[53]د/ محمد عابد الجابري مدخل إلى القرآن الكريم ص188 ويقول الجابري هنا بخصوص هاتين المعجزتين:" إنها تراث لنا ومن حقنا، بل من واجبنا أن نختار منها ما لا يتعارض مع الفهم الذي ينسجم مع مبادئ العقل ومعطيات العلم في عصرنا".
[54] د/ محمد عابد الجابري مدخل إلى القرآن الكريم ص 245.
[55] د/ أحمد محمد الفاضل الاتجاه العلماني المعاصر في علوم القرآن دراسة ونقد ص237.
[56] د/ محمد محمود كالو القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير ص88.
[57]د/ محمد زين العابدين رستم نظرات في القراءة المعاصرة للقرآن الكريم في دول المغرب العربي منشور في عدة مواقع منها على موقع ملتقى التفسيرwww.tafsir.com
[58]د/ محمد عابد الجابري مساهمة في النقد الإيديولوجي ضمن كتاب محاورة فكر عبد الله العروي ص186.
[59]د / عبد الله العروي أزمة المثقفين العرب تقليدية أم تاريخانية ص153.
[60]د / عبد الله العروي الإيديولوجيا العربية المعاصرة ص107.
[61]المقصود بالنص القرآن الكريم كما هو واضح.
[62]د / عبد الله العروي مفهوم العقل ص360.
[63]د / عبد الله العروي مفهوم العقل ص360 و361.
[64]د / عبد الله العروي السنة والإصلاح ص89 وانظر نقضَ كون القرآن ظاهرةً عند عبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام في رؤية نقدية لكتاب السنة والإصلاح للدكتور عبد الله العروي ص141.
[65]د / عبد الله العروي السنة والإصلاح ص157 وانظر نقض هذه الفِرية عند عبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام في رؤية نقدية لكتاب السنة والإصلاح للدكتور عبد الله العروي ص 326-327. .
[66]المقصود القرآن الكريم.
[67]د / عبد الله العروي السنة والإصلاح ص 129.
[68]انظر إهداء زكريا أوزون لكتابه جناية البخاري ص10.
[69] سامر إسلامبولي تحرير العقل من النقل ص 7.
[70] المصدر السابق 14.
[71] المصدر السابق15.
[72] محمَّد عابد الجابري في قضايا الدِّين والفكر ص8.
[73] محمَّد شحرور نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي ص 160.
[74] محمد أركون تاريخية الفكر العربي الإسلامي ص 146.
[75] محمد أركون الفكر الإسلامي نقد واجتهاد ص 102.
[76]عبد المجيد الشرفي الإسلام والحداثة ص110و111.
[77] جمال البنا أحاديث تناقض القرآن...إذن تستبعد موقع جريدة المصري اليوم ص13 بتاريخ 20/06/2006م.
[78] محمد عابد الجابري في حاجة إلى الإصلاح المنشور في مجلة مواقف العدد32 ص33.
[79]نصر حامد أبو زيد نقد الخطاب الديني ص 12.
[80]د/ عبد المجيد الشرفي الإسلام والحداثة ص162.
[81]محمد أركون تاريخية الفكر العربي الإسلامي ص44.
[82]د/ عبد المجيد الشرفي الإسلام بين الرسالة والتاريخ ص64.
[83]علي حرب نقد النص ص201.
[84]د/ عبد المجيد الشرفي الإسلام والحداثة ص 59 و60.
[85]د/ عبد المجيد الشرفي الإسلام والحداثة ص85.
[86]د/ الجيلاني مفتاح الحداثيون العرب في العقود الثلاثة الأخيرة والقرآن الكريم ص71.
[87]د/ عبد الله العروي السنة والإصلاح ص129، وانظر نقضَ هذا القول عند عبد السلام محمد البكاري والصديق محمد بوعلام في رؤية نقدية لكتاب السنة والإصلاح للدكتور عبد الله العروي ص253 و254.
[88] الصادق بلعيدالقرآن والتشريع...قراءة جديدة في آيات الأحكام ص294.
[89]د/ عبد المجيد الشرفي الإسلام بين الرسالة والتاريخ ص69 و70.
[90]المصدر السابق.
[91]يعني قوله تعالى:" اليوم أكملت لكم دينكم ورضيتُ لكم الإسلام دينا"، وقوله تعالى:" ما فرطنا في الكتاب من شيء".
[92]الصادق بلعيدالقرآن والتشريع...قراءة جديدة في آيات الأحكام ص295 و296.
[93]الصادق بلعيدالقرآن والتشريع...قراءة جديدة في آيات الأحكام ص321.
[94]د/ محمد محمود كالو القراءات المعاصرة للقرآن الكريم في ضوء ضوابط التفسير ص62.
[95]د/ عبد الرزاق هرماس قضية قراءة النص القرآني ص109.
[96]د/ عبد الرزاق هرماس قضية قراءة النص القرآني ص113.
[97]د/ عبد الرزاق هرماس قضية قراءة النص القرآني ص114.
الموضوع الاصلي من موقع ملتقى اهل التفسير

من هنا
أبوأسامة مبارك
أبوأسامة مبارك
Admin

عدد المساهمات : 439
تاريخ التسجيل : 24/12/2008
العمر : 53

https://tiabinet.forumactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى